كتاب (عزازيل) للمؤلف يوسف زيدان يجمع بين النص الأدبي و التوثيق التاريخي ،و هذا خليط قد يأتي متجانسا عند بعض الكتاب أو غير متجانس عند البعض الآخر ،لإن خلط الواقع و الخيال ليس بالأمر اليسير ،فكثيرا ما تختلط الأحداث لدى القارىء متساءلا عن الفاصل بينهما؟! ....وفي هذا الكتاب تبرز جهود كاتبه في تحققه من صحة المعلومات التاريخية و إلباسها بدثار خياله المتقد و بالطبع تظل هناك مساحة ما بين ذلك و ذلك مما ساهم في زيادة جدلية الكتاب بالإضافة إلى موضوعات الرئيسة من الخوض في مفاهيم الأديان و تعاليمها ، وتعايشها مع بعضها البعض ، و التسامح الديني و نقيضه من تعصب ديني ،و الأحادية الفكرية و تباينها مع التعددي الفكرية ،والإنسانية و ما يؤرقها من لا إنسانية ، حياة الفرد مع لقبه و صراعاته معه سواء للإبقاء عليه أو للتجرد منه و ،مداخلات الإنسان مع نفسه وموضوعات بين السطور ...
و نظرا لطبيعة الكتاب فالقوى المحركة فيه هي شخوصه البشرية كهيبا و أوكتافيا و هيباتيا و نسطور و بالطبع عزازيل و غيرهم ،و ذهابهم و إيابهم في حيواتهم و معطيات أفكارهم و أحاسيسهم ،بالإضافة لدور أساسي قامت به الإسقاطات التاريخية و السياسية و الإيدولوجية في الكتاب ،فهي إتخذت دور محرك الدمى في أحيانا كثيرة لتحرك خيوط الشخوص وفق إتجاهات حركات يدها ،فقطع حبال هذه المحركات بالنسبة للشخوص للتحرر منها تعتبر مهمة شاقة و عسيرة و هناك من يصفها بالإستحالة ...
و من العلامات التي تخطف القلوب الحانية في الكتاب ،وقفات المناجاة التي إتسمت بقدر من الرغبة في التوبة و التخلص من الخطايا و السعي لنيل راحة البال ....راحة البال التي ما تلبث أن تثلج قلب هيبا حتى تتركه كصحراء جرداء ...
(عزازيل) كتاب فيه حوار مع الآخر الذي قد يكون أنت!