ليالي الحرير > اقتباسات من رواية ليالي الحرير > اقتباس

أربعة أشهر مضت، وأنا على هذا السرير أحدق في السقف. مع الوقت تحولت هذه البقع إلى تشكيلات ورسومات تتحرك كفيلم بطيء بالأبيض والأسود. أكون فيه أنا السيناريست والمخرجة والشخصية الرئيسية. نعم، الشخصية الرئيسية، لا أرضى بأقل من هذا. رغم أنني في حياتي الواقعية كنت دائماً كومبارس.

قصص تُسلِّيني وتملأ بياضات خلَّفتها أزمة قلبية حادة. البقع تتشكل أجساداً بأحجام مختلفة، تُغير ملامحها بتغير مزاجي. أحياناً تتبدى لي خيولاً تجري، أو نوارس تتراقص فوقي، أو لقالق ضخمة تفرد أجنحتها لتجثم على صدري. وأحياناً أخرى، أشجاراً تتعرش وتُحدث شقوقاً في السقف، فتتقاطر همسات الجيران الأكثر حميمية. تلتهب الغرفة ويصبح الحر لا يطاق.

في العادة، تمتد هذه التهيؤات حتى موعد الإفطار، بعد ساعتين من تناولي الدواء.

أعرفُ، اليوم لن أضطر إلى نسج تلك الحكايات الباهتة، وقد استنفدتُ احتياطيَّ من التخيل في حلم البارحة. فاستيقظت هذا الصباح منهكة، أرشح عرقاً، مبللة الثياب وحتى الملاءة.

لم أستطع مغادرة السرير.

مرة أخرى رأيت نفس الحلم. حلم طويل وشاق، بمسافة عمر. حلم برائحة اليود والمعقمات، وأدوية نسيت أسماءها. بمشاعر مضطربة، متحولة بين الحب والكراهية، بين الحزن والفرح. ورغبة جارفة بين الاستسلام والمقاومة.. مشاعر تتوالد خارج الزمن والمكان.

مشاركة من المغربية ، من كتاب

ليالي الحرير

هذا الاقتباس من رواية