المثقف والسلطة > اقتباسات من كتاب المثقف والسلطة > اقتباس

لا يصح أن يكتفي المثقف بتأكيد أن شعباً ما قد سُلِبَتْ أملاكهُ، أو تعرض للظلم أو للمذابح، أو لإنكار حقوقه ووجوده السياسي، بل عليه أن يفعل في الوقت نفسه ما فعله فانون أثناء الحرب الجزائرية، أي أن يربط بين تلك الفظائع وبين ألوان المعاناة المماثلة لغيره من البشر. ولا يعني هذا إطلاقاً أيَّ انتقاصٍ من الخصوصية التاريخية، لكنه يحمي الناس من تعلم درس ما عن الظلم في مكان ما ونسيانه أو انتهاكه في مكان آخر. وكون المثقف نفسه ممثلاً للمعاناة التي كابدها شعبه، وقد يكون قد تعرض لها هو نفسه، لا يعفيه من واجبه في أن يكشف للناس أن أبناء شعبه ربما كانوا يرتكبون الآن جرائم مرتبطة بما عانوه، في حق ضحاياهم هم.

فعلى سبيل المثال، كان البويريون في جنوب أفريقيا (وهم المستوطنون المنحدرون من أصول هولندية) يرون أنهم من ضحايا الإمبريالية البريطانية؛ ولكن هذا قد أدى ، بعد صمودهم "للعدوان" البريطاني في حرب البوير ، إلى إحساسهم بأن لهم الحق - باعتبارهم مجتمعًا يمثله دانيل فرانسوا مالان - في تأكيد خبرتهم التاريخية من خلال نظام الفصل العنصري البغيض [الأبارتهيد ] الذي أنشأوه استنادًا إلى المبادىء التي وضعها الحزب الوطني هناك.

هذا الاقتباس من كتاب