سقوط الإمام > اقتباسات من رواية سقوط الإمام > اقتباس

❞ . وهمس في أذني بصوت خافت: الله غير موجود لأن العدالة غير موجودة. وهمست في أذنه بدوري: لو كان الله موجوداً لما كان الوفاء يقابله الخيانة، والخيانة يقابلها الوفاء. وكُنت يا أمي تلميذاً في التاسعة من عمري وهو زميلي وربط بيني وبينه الإيمان العميق بعدم وجود الله. وظلت قدرتي على الإيمان بالله مرتبطة بقدرتك على خيانة أبي. ولم يكف أبي عن خيانتك ولم تكفّي عن الوفاء له. وقلت لك مراراً إنه خائن. لكنك يا أمي لم تسمعي. وإذا سمعت تصمتين ولا تردين. ولم أعرف لماذا تقابلين الخيانة بالوفاء، ثم عرفت أنك كنت تخافين. وكل ليلة تبكين وفي النوم تحلمين أنك قابلت رجلاً آخر، لكنك في الصباح تتراجعين. كنت تخافين الناس وتخافين أباك، وأكثر ما كنت تخافين هو الله. وقلت لك يا أمي العين بالعين والحسنة بالحسنة والسيئة بالسيئة لكنك أبداً لم تسمعي. وإذا سمعت لا تدركين. وإذا أدركت لا تفعلين. يمر اليوم وراء اليوم وتستسلمين. لو أنك قاومت الظلم مرة. لو أنك دافعت عن حقك. ربما عرفت أنا العدالة وإذا عرفت العدالة عرفت الله. لكنك يا أمي عجزت عن الدفاع عن حقك. وإذا عجزت عن الدفاع عن نفسك فهل تدافعين عن الآخرين؟ فاقد الشيء لا يعطيه يا أمي. وعجزت عن الدفاع عن حقي. ترين أبي وهو يظلمني فتسكتين وفي كل صراع بيني وبينه تقفين تتفرجين. وإذا اشتد الصراع تنحازين إليه وعنه تدافعين. هو على صواب دائماً وأنت عن الحق لا تدافعين. لو أنك قلت مرة أنه أخطأ. لو أنك حكمت مرة بالعدل. ربما عرفت أنا العدل. ربما عرفت الله. ربما قابلت الوفاء بالوفاء. لكني أصبحت مثلك يا أمي أقابل الخيانة بالوفاء. وأصبحت مثل أبي أخون من تخلص لي وأخلص لمن تخونني. وهربت من فتاتي الأولى حين أحبتني وتزوجت أول امرأة رفضتني ـ وأصبحت كاتباً كبيراً بأمر الإمام لا يروقني من نساء العالم إلا زوجته، ولا أكتب إلا ما يروق الإمام. ❝

مشاركة من Anas Hasan ، من كتاب

سقوط الإمام

هذا الاقتباس من رواية