شيء عن الوطن > اقتباسات من كتاب شيء عن الوطن > اقتباس

إذا كان من المتاح الآن تقويم هذه التجربة، تجربة اللاجئ في وطنه، فإني أشعر بأنها تبعث على خطر القتل النفسي، بصفاقة أقسى من تجربة المنفى.

في المنفى يتوفر لديك الإحساس بالانتظار، وبأن المأساة مؤقتة فتتنسم رائحة أمل. وتحمُّل عذاب المنفى شيء مبرر. والتصور للمنزل والحقل والجمال المنشود والسعادة القصية وغيرها أمر مشروع. أما التجربة الأخرى، اللجوء في الوطن فإنه أمر غير مبرر وصعب الاستيعاب في حدود وعي الطفل والصبي. إنك تشعر بالغصة والقهر حتى في أجمل أحلامك. وتكتسب ملامحك انعكاسات واقع هي أقرب ما تكون إلى الرموز. كنت أشعر بأني مستعار من كتاب قديم يخلق فيّ انطباعاً غامضاً لأني لا أحسن قراءته.

ولكن الكابوس لا يستمر بهذا الشكل. فإن ((اللاجئ الفلسطيني في فلسطين)) لم يُترك ((حراً بحرمانه)). وهنا يضاف عنصر جديد هو عنصر التحدي من جانب السارق، وهو ذو حدين: الحد الأول يزيد من الشعور بالتمزق، والحد الثاني يفجِّر هذا الشعور في نقطة ما.. في التحدي المضاد الذي يتطور إلى طريق عمل وكفاح.

مشاركة من عبد الرحمن أبونحل ، من كتاب

شيء عن الوطن

هذا الاقتباس من كتاب