أيقن تماماً ألّا شيء يستطيع فعله... فنادى عليه....
بعيون الخائف المترجِ , و بلهفة الضعيف الحائر... و من أعمق نقطة في مخابئ نفسه
خرجت و حرك بها شفاهه بهدوء المنهك و صريخ الغريق, تمتمها باستسلام كامل و نطقها
كأصدق كلمة خرجت من فمه من يوم ولد: " يا الله "
لم يطلب منه شيئاً, و لم يسم له حاجة, فقط نادى عليه, و ظل ينادي عليه...
صَ غُ ر عمر حتى تلاشى, و اضمحلت ذاته, و انمحت كل كلمة "أنا" في سجلاته, و كان هو
وحده كل شيء...
حين عجز لسانه عن تلفظ أي شيء غير لفظة " يا الله ", كان لسان حاله يقول "كلانا يعرف.. أنه ليس لي الآن سواك..."
ظل كامل كيانه ينطق بها "يا لله"... كررها و كر رها حتى بدأ شيءٌ من طمأنينة يتسلل إلى
صدره و يغمر قلبه, مسحة رحيمة مسحت على أنفاسه فأهدأتها, و رغم أنه لم يكن يعلم
ما الذي سيحل به آخر النفق إلا أنه هدأ و تماسك قليلاً....