اسم العمل : مسافة آمنة دليلك حتي يستمر الحب الي الأبد
للكاتبة : عزة سلطان
دار النشر : بيت الياسمين للنشر والتوزيع
عدد الصفحات : 234 علي تطبيق Abjjad | أبجد
— دعني أقص عليك قصة حياة جيل بأكمله، نشأ على برمجة ومعتقدات عن العلاقات و الحب ساهمت في تدمير أشياء ثمينة كنا سنحظى بها، لولا تأثير الوعي الجمعي السلبي عنها.
كم تجربة خضنا وكم ألم مررنا به، بسبب نقص المعلومات أو انتشار معلومات خاطئة. لم يعلمنا أحد كيف نحب بشكل صحيح، وما دور المرأة في العلاقة: هل هي شريك حقيقي أم مجرد تابع للرجل؟ كيف تنجح المرأة في علاقة وهي شخص ذو فكر مستقل، يريد الخروج من عباءة "الأم المضحية" وصور المجتمع النمطية؟ لم يعلمنا أحد بضرورة التعبير عن مشاعرنا وأهميته القصوى في بناء علاقة متينة،اشياء كثيرة لا نعلم عنها شيء وكيف الحدود ؟ والمسافات الامنة .
ظللنا لسنوات نرى تجارب من حولنا، وصراعات تنتهي بـ "عايشة عشان العيال" أو "أصلي كبرت، هلاقي عريس فين؟" أو "الناس كلت وشي، مش عايزة أفشل".
حُجّمت المرأة في دور صغير وفقير، وظللنا لسنوات نحاول التشافي من هذه البرمجة، بحثًا عن وعي أكثر نورًا وعلاقات أكثر صحة.
يقول الله تعالى: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” [المجادلة: 11].
هل توقفت عندها من قبل؟ هل تعلم أن معلومة واحدة فقط قد ترفعك درجات من حال إلى حال أفضل؟
أنا أعلم ذلك، لأنني خضت هذه الرحلة. في كل مرة كنت أحصل فيها على معلومة جديدة، كنت أخرج من ظلام إلى نور، وكان إدراكي يتوسع، فتتحسن علاقاتي ويتغير المحيط من حولي.
هذا الكتاب يحمل من النور ما انغمسنا في ظلام ما دونه لسنوات. جاء شاملًا لكل شيء عن العلاقات والحب، بدءًا من حب الذات واحترامها وتقديرها قبل حب الآخر ثم حب الآخر وتقبله و دعمه وتفهم الاختلافات و الخلافات و دورها في العمل علي العلاقة لتطويرها.
-يتألف الكتاب من ستة فصول متكاملة، تبدأ بتعريف الحب ومراحله، ثم تتناول طبيعة الوقوع فيه، والاحتياج العاطفي وكيفية إدارته، مرورًا بالتحديات التي تواجه العلاقات، ويُفرد فصلًا عميقًا لمفهوم “المسافات الآمنة”، قبل أن يختم بكيفية الحفاظ على الحب واستمراريته بوعي ونضج. هذه الفصول ليست مجرد تقسيمات، بل مراحل متدرجة في رحلة داخلية نحو علاقة أكثر وعيًا بذاتك وبالآخر.
ناقشت الكاتبة الكثير من المفاهيم المهمة و كذلك مفهوم لغات الحب الخمس، لكنها لم تتبنَّها كحقيقة مطلقة، بل قدمت منظورًا أكثر مرونة: لكل شخص لغته الخاصة، التي قد تتغير مع مرور الوقت ونضج التجربة. الحب ليس ثابتًا، بل كائن حي ينمو ويتغير مع صاحبه.
كذلك قبل أن تحب الآخر، عليك أن تكون صادقًا مع نفسك. الحب ليس مجرد مشاعر جياشة، بل وعي عميق: ماذا يعني لك الحب؟ ما الذي ستقدّمه في العلاقة؟ وما الذي تحتاجه منها؟ الحب الناضج لا يعني امتلاك الآخر أو حبسه داخل صندوق التوقعات، بل القبول والتفاهم.
"أحبك كما أنت، وليس كما أريدك أن تكون."
الحب علاقة متبادلة، تقوم على الوعي بأن العلاقات فرصة للنمو، نتشارك فيها الخبرات والأحلام ونتعلم خلالها كيف نتواصل بوضوح. العلاقة الناضجة تكبر بحب الذات، وتزيد القدرة على العطاء، لأن الشريك هو مرآة تعكس لك ذاتك، وتساعدك على رؤية نقاط قوتك وضعفك بوعي، لا لتدمرك، بل لتنير لك الطريق نحو التحسن.
إذا أهملت وردتك، ستذبل. وكذلك العلاقات، لا تبقى قوية إلا بالرعاية المستمرة. الحب يتطلب شجاعة، أما الاستمرار فيه فيتطلب الصبر. شجاعة كسر المفاهيم الخاطئة التي نشأنا عليها، والخروج من الصناديق التي حُصرنا داخلها. أما الصبر، فهو على مراحل النمو والتغير، على التعلم المتبادل، وعلى خلق مسافة آمنة تحمي كل طرف دون أن تعزله عن الآخر.
"
كما ان الكاتبة لم تترك جانبًا دون تناوله، حتى أنها لم تغفل الحب في زمن السوشيال ميديا، بتحدياته وتعقيداته، وكيفية التعامل معه بوعي وحدود واضحة. ففي ظل التطور التكنولوجي، أصبح الحب يواجه تحديات جديدة، وكيف أن هذه المنصات ليست شرًا مطلقًا، لكنها تحتاج إلى حدود واضحة بين الطرفين. العلاقة الصحية لا يُقاس نجاحها بعدد اللايكات والتعليقات، بل بمدى وعي الطرفين وإدارتهما لها بعيدًا عن تأثير المجتمع الرقمي
جاء هذا الكتاب ليكون اختبارًا لشجاعتك: هل أنت مستعد لكسر البرمجات الخاطئة والخروج منها نحو علاقات ناضجة وصحية؟ وتطبيق ما قرأته والأيمان بما اناره بداخلك؟ فليس الجميع يمتلك الجرأة لفعل ذلك، فهل ستكون ممن يجرؤون على التغيير؟
"الوعي هو الخطوة الأولى نحو الحرية" – سيمون دي بوفوار.
.
رحلتي مع الكتاب جعلتني أتمنى لو كان قد كُتب قبل عشر سنوات، لاختصر علينا الكثير من التخبط والتجارب غير الناضجة. فهو ليس مجرد كتاب عابر، بل دليل للحياة العاطفية، يجب أن يكون في كل بيت، يُطالعه الأفراد والأطفال في مختلف مراحل حياتهم، ليحصلوا على الوعي الذي يُجنّبهم الطرق المظلمة. هذا كتابٌ يجب أن يُورَّث للأجيال القادمة، ليبني لديهم فهمًا حقيقيًا للعلاقات، ويمنحهم القدرة على الحب دون أن يفقدوا ذواتهم في طريق الآخرين.
أسلوب الكاتبة بسيط وسهل، يعكس ثقافتها الواسعة واحترافيتها في الكتابة. تكتب بدقة وإتقان، مما يجعل النص متماسكًا وسلسًا دون أي ثغرات. لغتها واضحة وقوية، وتعكس عمق فهمها للموضوع، مما يمنح القارئ تجربة ثرية ومدروسة في كل صفحة.
*يؤخذ فقط على الكتاب
انه كان استخدام الكاتبة للاقتباسات سلاحًا ذو حدين. لا شك أنني أحبذ ذكر الاقتباسات أيضًا، وقد أتقنت اختيارها ووضعها في مواضعها المناسبة، مما أضاف عمقًا للنص. ومع ذلك، في بعض الفقرات، شعرت أن هناك إفراطًا في استخدامها، ومع ذلك، ما يُحسب لها أنها لم تكتفِ فقط بذكر الاقتباس، بل كانت توثق مصدره في مواضع كثيرة، مما يجعل من السهل على القارئ التعمق في كتب العلاقات إذا أراد، وهذه ميزة تحسب لها.
الاقتباسات:
• إن الحب الحقيقي لا يأتي ليملأ فراغاً، بل ليضيف جمالاً الي حياة مكتملة بذاتها ، فعندما نتعلم كيف نحب أنفسنا أولاً نصبح قادرين علي منح الحب الحقيقي للآخرين دون أن نثقل عليهم بأحتياجاتنا.
• العلاقات العاطفية هي رقصة متوازنة بين القرب والاستقلال، بين الحاجة إلي الشريك والرغبة في الحفاظ علي هويتنا الفردية.
•الحفاظ علي التوازن بين تقديم الحب والدعم للشريك وبين الأهتمام بالذات يُعد تحدياً مستمراً. والحل يكمن في تحديد أولويات مشتركة واحترام مساحات كل طرف ، العلاقة الناجحة ليست التي تذوب فيها شخصية أحد الطرفين بل التي يُدرِك فيها الطرفان أهمية تحقيق توازن صحي يُثري العلاقة.
•الخلافات ليست عدواً للعلاقة، بل هي أحياناً مؤشر لوجود تواصل وتفاعل.
•التواصل المستمر هو الأداة التي تضمن إعادة بناء الجسور.
•يتغير الحب كما يُغيرنا العمر ، يثور أحياناً ويخفت كشمعة هادئة أحياناً اخري، لكنه لا يذوب ، بل يتخذ أشكالاً تتناسب مع نضج قلوبنا وتراكم أحلامنا .
•المسافة الآمنة هي نافذة تطل منها العلاقات علي أفق جديد . إنها ضمانة للحب، ومساحة للتأمل.،و حدود تحفظ لكل طرف حريته و استقلاله.