سلطانة وثلاث ملكات

رائعة أخرى من الكاتبة المبدعة التي لطالما أبهرتني بأسلوبها والمجهود الكبير الذي تبذله في البحث عن المصادر والمعلومات . بعد أن قرأت كتابها “صاحبات السمو الملكي” والذي كان السبب الرئيسي لاشتراكي في أبجد لقراءة أعمالها الأخرى ، كنت متحمسة جدًا لقراءة كتاب سلطانة وثلاث ملكات ولم يخيب ظني أبدًا .

كتاب يستحق جائزة والله

كتاب جميل جدا

التقييم:

رغم عدم تقييمي للكتب الغير روائية كما يحدث مع الروايات والمجموعات القصصية لكن هذا لن يمنعني من تقييم الجهد الكبير المبذول والواضح بما لا يدع مجالاً للشك للكاتبة ، مما نتج عنه مصنف ادبي بمثابة مرجع تاريخي ممتاز وفاخر شكلاً وموضوعاً.

التقدير: ( للكاتبة والباحثة )

امتياز.

-------------------------

رحلتي مع الكتاب:

نلتقي هذه المرة مع درجة أعلى في السلم الاجتماعي ، مع ملكات مصر من الأسرة العلوية ابان الحكم الملكي لمصر.

في الرحلة السابقة كنا على موعد مع خمس أميرات ( صاحبات السمو الملكي ) خضنا معهن رحلة حياتهن بشكل تفصيلي وموثق ولم يختلف الحال هذه المرة. ( سلطانة وثلاث ملكات ) سار على نفس الدرب بل وبشكل اكثر تفصيلاً واكبر حجماً والأهم متعة قراءة مضمونة لمن لا يهوى الكتب الغير روائية.

افضل طريقة لتقييم الرحلة هو تقسيمها الي عدة مراحل كما يلي:

* المحتوى والمعلومات والمصادر *

الكتاب يبدأ الحكايات من جذورها. في قصة حياة كل شخصية هناك ما يسبق مولدها من احداث وملابسات كانت بمثابة القدر المسطور على جبينها منذ ولادتها.

الكتاب مقسم الي أربعة اقسام:

- السلطانة ملك. زوجة السلطان حسين والتي احتفظت بلقبها حتى وفاتها وكذلك عاصرت حياة الثلاث ملكات اللاتي تبعنها بعد ذلك.

- الملكة نازلي. زوجة الملك فؤاد وام الملك فاروق وشقيقاته الأميرات. سيدة عاشت حياة يمكن وصفها بذات الوجهين. حياة كزوجة سجينة في قصر ذهبي ثم حياة الحرية الصاخبة كأرملة.

- الملكة فريدة. زوجة الملك فاروق الأولى وهي صاحبة النصيب الأكبر من الكتاب نظراً لحياتها الحافلة والثرية جداً.

- الملكة نريمان. الزوجة الثانية للملك فاروق وهي من عاشت تتألم في صمت ودفعت الثمن لاحقاً من المرض حتى وفاتها.

المعلومات ؟ حدث ولا حرج. كم هائل من التفاصيل حرصت الكاتبة على تواجده حتى تضع امام القارىء الصورة كاملة ومن مختلف الزوايا. قد تجد حدث ما تعددت رواياته على عدة ألسن تم ذكرها جميعاً للأمانة المهنية. كل تفصيلة مسجلة بتاريخ حدوثها ومصدرها مهما كانت صغيرة.

هناك ايضاً البوم صور يضمن لك اكتمال الصورة الذهنية التي تكونها بعد القراءة.

كل شيء موجود ولن تحتاج الى البحث بعيداً.

* اللغة *

لا تقلق بهذا الصدد. لن تجد كلاماً كتابة عتيقة الطراز او ما شابه. بالعكس. استخدمت الكاتبة لغة اشبه بالنصوص الأدبية في الروايات نظراً لانها صاحبة روايتين سابقتين ، وبالتالي تنتظرك ساعات من القراءة الممتعة بأسلوب حديث وعصري جذاب.

* تأثير الكاتبة على التاريخ المدون *

لم تتدخل الكاتبة لفرض وجهة نظر محددة او رأي بعينه على القارىء لأي حدث تاريخي. قدمت لك كل الروايات المتداولة مع ذكر مصادرها ومراجعها في نهاية الكتاب.

في بعض الحالات وبعد ان يتم تقديم كل ما ورد تاريخياً حولها تجد الكاتبة تضيف تعليق له علاقة بمنطقية بعض هذه الروايات بناءًا على بحثها واستقصائها من اهل اختصاص مذكورين بالاسماء. في النهاية هي تترك للقارىء حرية الاقتناع او عدمها حسب رؤيته وتفكيره له.

* هل نقرأ الكتاب ؟ *

هذه النقطة لها اكثر من اجابة.

- اذا كنت من محبي قراءة التاريخ وترغب في سبر أغوار حقبة زمنية لم يعاصرها أغلبنا فعليك ان تخوض التجربة بدون تردد.

- اذا كانت لديك معلومات مسبقة بشكل معين او في اطار تفكير ضيق فعليك ان تقرأ الكتاب حتى تتعرف على وجهات نظر اخرى وروايات مختلفة للأحداث. ربما تنقشع عنك بعض الغيوم وترى الأمر بشكل مختلف.

- اذا كنت تريد الاستراحة قليلاً من الروايات التاريخية التي يغلب عليها خيال الكاتب وتريد ان تعرف التاريخ كما حدث بأدق شكل ممكن وبمصادر ومراجع موثقة فسارع بقراءة الكتاب.

- اذا كنت تريد الهروب من واقع مزري ، عشوائي ويسبب لك ضيق تنفس فعليك السفر الى الماضي حيث كان كل شيء افضل ، ارقى ، انقى واكثر تحضراً.

- اما اذا كنت من نوعية علب البولوبيف الذي ينتج بالجملة ، ملول ، نافذ الصبر ، منغلق فكرياً او سطحي الفكر تهوى حياة الترند والبودكاست والفن الرديء وغناء المهرجانات فلا تقرأ هذا الكتاب !.