اقتباسات من كتاب رحم العالم : أمومة عابرة للحدود

الأمومة هي أحد الأدوار الرئيسة التي صنعها المجتمع الذكوري -رجالًا ونساءً- للمرأة، ورسخ في وعي النساء أنها غريزة؛ وهو أمر لا تحتمل السلطة الأبوية طرحه للنقاش. ومع تغلغل هذه الفكرة في عقلية ونفسية النساء أصبحت الأمومة -سواء تحققت أم لا- هي المصدر الرئيس لتشكيل معرفة النساء عن أنفسهن ومعرفة الآخر عنهن. أي أن خبرات النساء مستمدة من هذا الفعل ومدى نجاحهن في القيام به ومدى توافقه مع الأنماط الأساسية للسلوك والمشاعر التي يحددها المجتمع والثقافة.

يموج الأدب بأمثلة الأم المتفانية المضحية التي تلغي ذاتها في سبيل صعود ذات الأبناء، ومن هنا يكون الأبناء هم المصدر الوحيد لسعادتها أو تحققها. في تناول هذه النماذج لا يتردد الخطاب النقدي عمومًا عن إضفاء حالة من التقديس على نموذج الأم، تلك المرأة الفاضلة المتسقة تمامًا مع كل الأعراف والشرائع والتوقعات السائدة.

تبدو الأمومة مرتبطة بذوات النساء ومسؤولة عن تحديد موقعهن في الثقافة، فتُشكل الثقافة صورتها عن ذاتها وعن الآخر من خلال النساء وأدوارهن؛ فالأم في الشرق عاطفية وحنون ومضحية، في حين أنها في الغرب مادية وأنانية ولا مبالية.

«الشِّعر يوجد حيث لا أكون أُمًّا لأحد، حيث أوجد كنفسي»

الأمر ليس ببساطة إنجاب طفل ورعايته، فلو اقتصر الأمر على هذا، لكان عملًا فرديًّا تتحمل مسؤوليته المرأة كفرد، لكنه فعل يؤثر فيما حوله ويتأثر بنفس القدر بعدد من المفاهيم والعوامل والخطابات الخارجية

«لا أود أن تفكر ابنتي في الطيران وهي تريد تغيير العالم دون أن تدخل في حسابها مشروعًا جيدًا للنزول»(70).

الأم الحقيقية من وجهة النظر السائدة هي التي تتسم بالغياب الكامل ولا يتجلى حضورها إلا في تطور ونجاح الأبناء، وفي حالة فشلهم «بمعايير المجتمع أيضًا» عليها أن تتحمل اللوم.

لا يتوانى الخطاب الإعلامي الحديث والمعاصر عن إضفاء القدسية على الأم، وهي دائمًا أم واحدة ثابتة، والعددية صفة منفية عنها، وهو ما يجعل «الأم» صفة مجردة، قائمة بذاتها وفي ذاتها، غير مرتبطة بطبقة أو مكان أو سياق سياسي، هي دائمًا الحنون، المعطاءة، الصبورة، المضحية، المتفانية، الراضية، الطيبة، الكريمة، المتسامحة، المتحققة في سعادة الأبناء، المتوارية من أجل الأبناء، باختصار هي الأم الغائبة من أجل حضور الأبناء.

النص الأدبي أكثر اتساعًا من المجتمع ومن المحمول الثقافي الذي يظهر بسهولة،

أصبحت الأمومة -سواء تحققت أم لا- هي المصدر الرئيس لتشكيل معرفة النساء عن أنفسهن ومعرفة الآخر عنهن. أي أن خبرات النساء مستمدة من هذا الفعل ومدى نجاحهن في القيام به ومدى توافقه مع الأنماط الأساسية للسلوك والمشاعر التي يحددها المجتمع والثقافة.

الأمومة تحتل المساحة النفسية كاملة ولا تُبقي مكانًا للذات التي تسعى إلى النظر داخلها، فتقول مروة: «الأمومة: محاولة تجريد من الخصوصية،

الأم الحقيقية من وجهة النظر السائدة هي التي تتسم بالغياب الكامل ولا يتجلى حضورها إلا في تطور ونجاح الأبناء، وفي حالة فشلهم «بمعايير المجتمع أيضًا» عليها أن تتحمل اللوم.