اقتباسات من رواية قيام وإنهيار الصاد شين

بالمناسبة أسوأ الخلافات والاحتلالات، ليس في مصر فقط وإنما في التاريخ برمته، وبالمناسبة أيضًا مصر مر عليها كل الاحتلالات التي شهدها الإنسان تقريبًا، الاحتلال الروماني واليوناني والرومي والعربي والتركي والفارسي والمغولي وأخيرًا الغربي الأوروبي، واحتلال الخلافة العثمانية فاقهم جميعا عل

السبعينات، أعمامي الكبار عندما كنت أعترض أو أكتب شيئًا ضد الحكومة يقولون لي بمنتهى الفزع «هدي الحكومة يا حمدي!»، يعني القوة الباطشة اللي توديك ورا الشمس دون رادع أو رقيب.

وللأسف الآن وفي ظل الربيع العربي الخلاق كلا الحدين عدوان، من الشرق إسرائيل وحماس والجماعات الإسلامية الإرهابية، ومن الغرب الجماعات الإسلامية الإرهابية أيضًا وأضف إليها الفوضى الليبية الخلاقة.

ومخلفات المباني والعمارات الواقعة في المنطقة كلها وخلوها عزبة عزبة، بنوا حوالي ستين أوضة وأجروها، والأوضة فيها ستة، والواحد يدفع ميت يورو في الشهر، وفيه أوض مأجراها أسر، وكل سكانها مصريين، وستين في المية منهم شغالين في المخدرات، والباقي اللي

منها تلاقي سوق برتا جنوة، سوق الحرامية، سوق أسبوعي عادي وجواه سوق بتتباع فيه الحاجات المسروقة، تدخل تلاقي الفتارين والأرض نفسها مفروشة فرش بالحاجات المسروقة، من أول العجلة، وشاشة العرض، والكمبيوتر، لحد الموبايل، والولاعة، والكلوت، وكلهم عرب، وأول ما تيجي

الزعيم شخصيًّا إلى سبها وأقام وقال “نا اللي هنظبّطها بروحي”، وأنا شخصيًّا رأيته يظبطها بروحه، ويوقف السيارات بنفسه، ويفحص الأوراق، وإن اكتشف أي خلل “ارقد يا ممصخ”، وأطلق في الشوارع والميادين جيشًا مسلحًا من الصاد شين ظبط سبها، وفي عدة

وعمومًا رأيي أن الذي فكر في اختراع السلاح أصلاً شخص جبان، لا يعرف ماذا يفعل فيمن يخيفونه ففكر في السلاح، لو كان قادرًا على الدفاع عن نفسه بنفسه ما فكر في البارود والقنبلة والسلاح، والإنسان لن يرقى ويرتاح فعليًّا وفي

لا أخاف السلاح، أو أنني أصاب بعطلة تؤدي إلى نوع من الاستهبال، وعندي اعتقاد راسخ بأنه لا يعتمد على السلاح إلا الجبان، ومن رأيي أن الشجاع الحقيقي لا يحمل سلاحًا، بل يخاف خوفًا من حمل السلاح، وعمومًا رأيي أن الذي

طول، لو كان جزائري أو حتى سوداني كان عارض واتعارك كمان، إنما المصري. يا لطالما اتعاركت مع الحسناوي وعبد العزيز ورشيد على الحكاية دي، وياما قلت وكررت “الإنسان المتحضر خواف، أقول لكم على حقيقة بشرية، الخوف يتناسب طرديًّا مع تقدم

‫ وفي الليل سرت النمائم أن عوض شرب مع بعض رفاقه في الحفل، وتقريبًا خترف في الأغنية وتندر على شخص الزعيم نفسه، المهم إنه الصبح، 15 سبتمبر سنة 1991، ادَّعك تحت كسّاحة

عوض المالكي، مطرب بدوي في الخامسة والثلاثين من عمره، وكان يؤلف ويلحن ويغني، وكان له صوت كالرعد، وكان يتميز بالوسامة والشياكة والأدب الجم، وكان يؤلف ويلحن لنفسه، ومحبوب جدًّا من شباب البدو في مصر وليبيا، كنا نراه عبد الحليم حافظ

عوض بو عبد القادر، أشهر مطربي البدو في مصر وليبيا، وفي يوم أو قل ليلة، مات في حادث وهو عائد من حفل ذكرى الفاتح العظيم في حضور الزعيم القائد بنفسه، البعض يقول إنها صدفة، والبعض يقول إنه حادث مدبَّر، دعكته

وبصت على بتاعه قالت واااو، معاه حاجة كده، حاجة سودة قد كده، واتكلمت مع زميلها، أتاري فيه واحدة زميلتهم بتدور على واحد بتاعه كبير، ونادوها وجت وكانت جامدة، جتة يعني، وبصت لبتاع السوداني وقالت واااااو، وطبطبت على كتفه وخدته الحمام

الثورية التي نفذها حول العالم، ومد بهم كل الجمعيات والمنظمات الثورية التي كان يرعاها حول العالم، وأرسلهم لمناصرة الثوار والمتمردين في الفلبين وأيرلندا وإسبانيا وأمريكا اللاتينية، وحرر بهم قرية أوزو من القوات التشادية المسنودة بالجيش الفرنسي المرابط في أفريقيا.

سيدة إيطالية حصيفة نشرت كتابًا عنه بعنوان “الزعيم رسول الصحراء”، أقرت فيه بأن الزعيم نبي تنزَّل عليه الوحي كغيره من أنبياء الصحراء على مر التاريخ، هذا فضلًا عن جحافل المؤمنين العرب، وبما أن الأنبياء عادة يُقتلون، فها هو قتل أخيرًا

يوسا، الروائي العظيم، كتب روايته “حفلة التيس” عن ديكتاتور في أمريكا اللاتينية، وعلى غرابة أطواره، وعلى مبالغات يوسا في تعظيمه وأسطرته وتبشيعه، إلّا أنه لا يعدو شيئًا بالنسبة للشخصية الواقعية للزعيم، سواء في حياته عامة أو نهايته الفظيعة.

لم يجر نهائيًا، أو أنه لم يجر الجريان اللائق بعظمته، ومقولات الكتاب الأخضر تهاوت واحدة تلو الأخرى على صخرة إباء الشعب الليبي العظيم، وهو نفس الإباء الذي أودى بالزعيم نفسه في نهاية المطاف، أما الصاد شين فتمخضت عن سلالة، عرق،

الصاد شين، أو أبناء الصحراء الشرقية، جنسية اخترعها الزعيم القائد، حقيقة لا خيالًا، تعتبر هي والكتاب الأخضر والنهر الصناعي العظيم من بنات أفكاره، بل إنها الفكرة الوحيدة التي اكتملت وتحققت، فالنهر الصناعي العظيم مازال لم يجر نهائيًا، أو أنه

بموجب الآية الكريمة التي تقول عن الخمر «فاجتنبوه…»، وكان يقول «ربنا لو أراد تركها لقال اتركوها بوضوح»، والتشاديات بررهن بالجواري، قس على الجواري يا أخي، أنا أشتري التشادية في الليل وأبيعها في الصبح.

وإنما مرعى للحشاشين، النباتات طالعة الآن على خشبة المسرح، أقصد الوقت بتاعي أنا في أول التسعينات وليس الآن، فمن المؤكد أن قصر الثقافة اتنهب بل اتفجر تفجيرًا، والجنينة التي كانت أحراشًا ترعى فيها الإبل صارت معسكرًا لفصيل من الثوار ‫