مقبرة مهددة بالحياة - أوراق وأيام في السجون الإيرانية - عمر شلبي
تحميل الكتاب
شارك Facebook Twitter Link

مقبرة مهددة بالحياة - أوراق وأيام في السجون الإيرانية

تأليف (تأليف)

نبذة عن الكتاب

في الزنزانة الانفرادية يسمح لك بالخروج ثلاث مرات إلى التواليت، مرة صباحاً بعد تناول الفطور "صبحانه"، ومرة بعد الغداء لتقضي حاجتك، وتغسل طاسة الأكل في التواليت أيضاً، ومرة مساء بعد العشاء استعداداً للغوص في ظلموت نفسك المقهورة والمتمردة باستمرارعلى جسدها الكئيب المضطر لقبول حجزه عن حقوقه الفيزيولوجية، وكان يردد تعزية لجسده الحاجز والمحجوز قول الشاعر الفرنسي فيرلين: "إنّ الجسد لحزين". هذه كانت القاعدة، أي الخروج ثلاث مرات فقط يومياً إلى "التواليت، التي كانت تُطبَّق على جميع الأسرى الذين يأتون إلى الانفرادي عقوبة لهم عن حضورهم الإنساني العميق بين إخوتهم الأسرى. والمصيبة كانت باستمرار أن تأمرك أحشاؤك أو مَبْوَلتك بإلحاح على ضرورة الخروج إلى بيت الخلاء، لأن أحشاءك أو مبولتك لا تفهمان قانون الزنزانة وتعرضك للعقوبة إن خرجتَ عليه، ولكن إلحاح الأعضاء فيك لا يستطيع التصبر ريثما يأتي الصباح، ويأتي معه إذن الخروج إلى بيت الخلاء. وبين هذه الأوقات تحاول أن لا تستجيب لأعضائك الداخلية الملحاحة بقرعها باب الممنوعات، وتريد منك أن تتخطى القانون، وقتها تكون العقوبة بانتظارك وسيل الشتائم دون أن تخرج إلى الخلاء لتستريح. كان لا بد من إيجاد الحل . إن أشياءك في الزنزانة واضحة، البطانية والثياب التي على جسدك، وطاسة الأكل وكيس الأمتعة الذي يذكرك بمرحلة ما قبل التاريخ. وفجأة تمسك طاسة الأكل وتبول بها دون إذن من أحد، لأنها المنقذ الوحيد من ورطة الجسد الذي لا يفهم قوانين الانفرادي. والخطأ الذي يتضح صباحاً هو أن تخرج في رحلة الصباح إلى التواليت وطاسة طعامك مملوءة بالبول، ويشمئز الحارس ويبدأ بصب اللعنات عليك: "كثافت"، "بى شعور" يعني فاقد الإحساس، "شما آدم نيستي" أنت لست إنساناً، وفي سرك تقول له ما لا يقال، وينتظر الحارس مجيء ضابط الاستخبارات ليحكي له عن قذارتي وخروجي على تعاليم الإسلام، لأني آكل بوعاء غير نظيف، ويفتح ضابط الاستخبارات، ويسألني بتعجب: “عمر شما آدم روشن فكر هستي، جرا اينطور كار ميكونى": يا عمر أنت إنسان مثقف كيف تفعل هذا؟ وبماذا أجيب!!! ويلحّ بالسؤال، وتضطر للإجابة: سيدي، لا أستطيع التحمل حتى الصباح، فماذا أفعل؟!!!، وينظر ضابط الاستخبارات إلى الحرس ويسأله: ألا تخرجه للتواليت ليلاً إذا طلب منك ذلك، ويجيب الحرس "مأمور معذور آغا". وينفعل الضابط، ويقول للحارس: أخرجه حين يريد الذهاب إلى التواليت، ولو ليلاً، وأشعر بصدق ضابط الاستخبارات، وأبتهج، رغم تساؤلي الداخلي: ألم يكن يعلم ذلك سابقاً. المهم لقد أنجزت شيئاً مهماً، وها أنا أخرج ليلاً إلى التواليت، وعادت قصعتي نظيفة لآكل غير آثم على الطريقة الإسلامية.
عن الطبعة

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

    عدد الصفحات غير معلوم.
    أدخل عدد صفحات الكتاب حفظ
  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب مقبرة مهددة بالحياة - أوراق وأيام في السجون الإيرانية

    2