فور أن أقاموا فوقه القبة، بدأ يحلم. ظل يحلم في كل مرة بمدينة، يؤسس فيها بيتاً في منامه، ويكون له فيها ضريح حينما يستيقظ. مات في كل المدن التي حلم بها. الميتات كلها التي يمكن لآدمي أن يذوقها، ودفن. (…) عند عتبات أبي، كنت أرى دموع المعذّبين تغسل الأرض، بينما ينصت الرجل الذي في الداخل لآلام الفانين الباحثين عن معجزة." - ضريح أبي لطارق إمام 🇪🇬
أول ما أقرأ لصاحب "ماكيت القاهرة" التي كانت قد وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية. جاءت افتتاحية "ضريح أبي" مسربلة بأسرار يخالها القارئ نواة لقصص تعشوشب لاحقاً بشيء من الإيضاح، فقط لنجد أن السر مطلسم بألف حرز، والرواية بأكملها ملامح وشذرات تهدف إلى الإيغال في تعزيز الخرافة، وهو ما تداركه المؤلف جزئيا في النهايات.
برأيي، لا يكفي الخيال وحده لإبداع رواية متكاملة البناء، كما أن الغموض والأجواء العجائبية المرتبطة بالأولياء وبالبركات واللعنات لا تكفي لسحر القارئ، حيث أن تلك الأجواء قد قُتِلت تحويراً وتدويراً بأقلام آلاف الأدباء، ولذا وجب التعاطي معها بحساسية مختلفة.
وعلى الرغم من أن طارق إمام لم يأت بجديد في هذا العمل أدبياً، إلا أنه قد أخرج فانتازيا تشهد بجرأة في التعاطي مع موضوعات وصياغة مشاهد غير معتادة (بل ومنفّرة لعديد القراء) إخلاصاً للشكل الذي أراده للرواية، وهو ما قد يحجم عنه بعض الكتاب المتماهين مع الصوابية المجتمعية البائسة.
#Camel_bookreviews