اقتباسات من كتاب إعادة تدوير الخيبة

أحيانًا يقف خوفنا من خسارة الآخرين لنا- بمحض إرادتهم- حاجزًا بيننا وبينهم، إلى الحد الذي يدفعنا لخسارتهم اختياريًا، خوفًا من تلك اللحظة التي يقررون فيها التخلي عنّا.

اليومَ ستُمطِرُ حُبًّا

وأنا بلا مِظلَّةٍ.

عمري ثمانٍ وعشرون خيبةً

وامرأتان..

وثلاثُ حبَّاتِ عنبٍ.

جسدي مصنعٌ للأحذيةِ..

قلبي أنبتَ فأسًا..

عيناي معجونتان بالحلم الرمادي

في جيبي أقراطٌ من الفُستقِ

- برائحة التبغ- لحبيبتي المستاءة..

وفي يدي خِنجرٌ

أزرعُه في صدري

كُلَّما آويتُ إلى الموتِ.

أعرف أنكِ هناك في مكان ما

تركتك بهدوء ذات مساء

ومضيت

بعدما أفرغت جيوب قلبي مما تبقى منكِ

ثم نسيت

أُحدِّثُكم عن الأسى الذي يُفتِّتُ الكلماتِ قبل أن تكبُرَ وتصيرَ قصيدة. عن الصدأ الهادرِ الذي يصبُّ -مُباشرةً- في قلبي.. ويُحيلُه إلى بركةٍ من الأمل الراكد. عن كفَّي التمثال الباردتَين.. وعن الشمسِ التي أُخبِّئُها في جيبي..عن البُومةِ التي تنخرُ في عقلي صباحَ مساء.. عن سيزيفَ الذي تكوَّر في عيني.. وعن بنلوبَ التي تهيَّأتْ لي فأدرتُ ظهري عنها وأهديتُها كومًا من اللا شيء. عن المُسافرِ الذي يتأرجحُ بينَ النسيانِ والقافيةِ.. عن عينيّ المُمتلئتَين بالحَطَبِ والرَّمَاد..


أُحدِّثُكم عن الخيبةِ
 وعن الحُبِّ.

أنتقمُ من الوقتِ بالنومِ..

ومن القهوةِ بشُربِها باردةً..

ومن الحُبِّ بالغفلةِ

ومِنِّي باشتهائِكِ!

الضجيج يملأ رأسي

كذباب يبحث عن الخلاص

كخشب الباب

حين يزعق بكامل أزيزه

كي يثبت أنّه ما زال حياً

” قلبي محشوٌّ بالهزيمة..

‫ كتفي تتوقُ إلى رأسِكِ كي تستندَ عليها

‫ و -كما هو معروفٌ- الحُبُّ والخَيبَةُ

‫ لا يأتيانِ ببطاقاتٍ تحذيريَّةٍ مُسبقة.

‫ لا شيءَ على ما يُرام.. “

في صالاتِ السفرِ سأذكرُكِ

‫ -كعادةِ المُسافرين-

‫ كُلَّما نظرتُ إلى جواز سفري وتذكرتُ أن وجهكِ

‫ كان -مشروعَ- وطني الوحيد.

‫ سيستوقِفُني المُتعبون

‫ يسألونني عن المسافةِ بيني وبينَكِ

‫ فأقولُ:

‫ «حُبٌّ!».

تعريفُ الاكتئاب:

⁠‫أن يتوقَّفَ الزمنُ عن الحركةِ، لتعيشَ أنتَ في السجنِ، الذي لا يراهُ الآخرون، حياةً مُؤبَّدةً.

” في الوحدةِ..

‫ نموتُ -بلا ضجيجٍ- كُلَّ يوم. “

عن الخُططِ المُؤجلة. ‫ والأحلامِ الباهتة ‫ عن البعيدِ الذي لا يقترب ‫ وعن القريبِ الغريب ‫ عن الدفءِ الذي لا نجدُه سوى في كوبِ قهوةٍ في ليلةٍ شتويَّةٍ حزينةٍ. ‫ والقُربِ الذي لا يتجاوزُ احتضانَ وسادةٍ مُشبَّعةٍ بالاكتئاب ‫

غير أنه ليس في وسعِنا أن نحيا

⁠‫دونَ أن يمسَّنَا الفَقْدُ

⁠‫ويطأَنَا الحنينُ.

لا شيءَ على ما يُرام..

⁠‫والحياةُ -كما أعرفُها- أشبهُ باحتضارٍ طويلٍ..

⁠‫موتٍ فقدَ هيبَتَه..

‫حياةٌ مُوازية

‫ اقتلعتْني تمامًا من ذاكرتِها. استيقظتْ ذاتَ صباحٍ وقرَّرَتْ أنِّي مِتُّ في حادثِ سيرٍ، أو في انفجارِ طائرة. تخلَّصَتْ من كُلِّ روابطِها الهشَّةِ بي؛ رقمِ هاتفي، وصورةٍ تجمعنا، وأسلمتْني أعزلَ إلى النسيان. حزنت قليلًا -كما يليقُ- وتجاوزت الأمرَ، ورددت:

‫ “ليس لهُ وجود”.

❞ العالَمُ نُشيِّدُه، فينهار.. ثم نُشيِّدُه، فننهارُ نحن”

‫(ريلكــــــــه) ❝

❞ كُلُّ مخلوقٍ يموتُ وحيدًا،

⁠‫ويُنسَى ❝

❞ هل كان على فمي

⁠‫أن يكونَ تابوتًا؟

⁠‫وعلى لساني

⁠‫أن يَلِدَ خفافيشَ وأفاعي؟ ❝

❞ وهذا المساءُ مناسبٌ للوَحْشَة.

⁠‫تحتَ إبطِي سبعُ قصائدَ مبتورةٍ..

⁠‫وفي جيبي، حِزمةٌ من عيدانِ الكِبريتِ..

⁠‫وعلى ظهري حقيبةٌ مُمتلئةٌ

⁠‫-عن آخِرِها- بالغياب. ❝

❞ يداكِ تُفكِّكانِ الثُّنائيَّاتِ التقليديَّةَ

⁠‫وتدفعُني إلى طوافٍ مُستمرٍّ حولَ النصِّ ❝

❞ هل يصيرُ المنتحرون قديسين؟ ❝