تُحف العقول عن آل الرسول - ابن شعبة الحرّاني, ابن شعبة الحراني
أبلغوني عند توفره
شارك Facebook Twitter Link

تُحف العقول عن آل الرسول

تأليف (تأليف) (تأليف)

نبذة عن الكتاب

مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الحمد له من غير حاجة منه إلى حمد حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيته وربانيته وسببا إلى المزيد من رحمته ومحجة للطالب من فضله (1) ومكن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف لبر إنعامه (2) فكان من إنعامه الحمد له على إنعامه، فناب الاعتراف له بأنه المنعم عن كل حمد باللفظ وإن عظم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة بزغت عن إخلاص الطوي (3) ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي، إنه الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى، ليس كمثله شئ، إذ كان الشئ من مشيئته وكان لا يشبهه مكونه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، استخلصه في القدم على سائر الأمم، على علم منه بانفراده عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس، وانتجبه آمرا وناهيا عنه (4)، أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه، إذ لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الأفكار، ولا تمثله غوامض الظنن (5) في الاسرار، لا إله إلا هو الملك الجبار، وقرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته (6) بما لم يلحقه فيه أحد من بريته وهو أهل ذلك بخاصته وخلته (7) إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا من يلحقه التنظير، وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته وتطريقا لعترته (8)، فصلى الله عليه وعلى آله وكرم وشرف وعظم مزيدا لا يلحقه التنفيد ولا ينقطع على التأبيد، وإن الله تبارك وتعالى اختص لنفسه بعد نبيه خاصة علاهم بتعليته وسما بهم إلى رتبته وجعلهم (9) إليه والأدلاء بالارشاد عليه، أئمة معصومين فاضلين كاملين وجعلهم الحجج على الورى ودعاة إليه، شفعاء بإذنه، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يحكمون بأحكامه ويستنون بسنته ويقيمون حدوده ويؤدون فروضه، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، صلوات الله والملائكة الأبرار على محمد وآله الأخيار. وبعد فإني لما تأملت ما وصل إلي من علوم نبينا ووصيه والأئمة من ولدهما صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته، وأدمت النظر فيه والتدبر له علمت أنه قليل مما خرج عنهم، يسير في جنب ما لم يخرج، فوجدته مشتملا على أمر الدين والدنيا وجامعا لصلاح العاجل والآجل، لا يوجد الحق إلا معهم ولا يؤخذ الصواب إلا عنهم ولا يلتمس الصدق إلا منهم. ورأيت من تقدم من علماء الشيعة قد ألفوا عنهم في الحلال والحرام والفرائض والسنن ما قد كتب الله لهم ثوابه و أغنوا من بعدهم عن مؤونة التأليف وحملوا عنهم ثقل التصنيف ووقفت مما انتهى إلي من علوم السادة عليهم السلام على حكم بالغة ومواعظ شافية وترغيب فيما يبقى، وتزهيد فيما يفنى، ووعد ووعيد، وحض على مكارم الأخلاق والافعال ونهي عن مساويهما، وندب إلى الورع وحث على الزهد. ووجدت بعضهم عليهم السلام قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم، وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ قصرت وانفردت معانيها وكثرت فائدتها ولم ينته إلي لبعض علماء الشيعة في هذه المعاني تأليف أقف عنده ولا كتاب أعتمد عليه وأستغني به يأتي على ما في نفسي منه. فجمعت ما كانت هذه سبيله وأضفت إليه ما جانسه وضاهاه وشاكله وساواه من خبر غريب أو معنى حسن متوخيا (10) بذلك وجه الله - جل ثناؤه - وطالبا ثوابه وحاملا لنفسي عليه ومؤدبا لها به (11) وحملها منه على ما فيه نجاتها شوق الثواب وخوف العقاب، ومنبها لي وقت الغفلة ومذكرا حين النسيان ولعله أن ينظر فيه مؤمن مخلص فما علمه منه كان له درسا وما لم يعلمه استفاده فيشركني في ثواب من علمه وعمل به، لما فيه من أصول الدين وفروعه وجوامع الحق وفصوله وجملة السنة وآدابها وتوقيف الأئمة وحكمها والفوائد البارعة والاخبار الرائقة (12) وأتيت على ترتيب مقامات الحجج عليهم السلام وأتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه. وأسقطت الأسانيد تخفيفا وإيجازا وإن كان أكثره لي سماعا ولان أكثره آداب وحكم تشهد لانفسها ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف بل ألفته للمسلم للأئمة، العارف بحقهم، الراضي بقولهم، الراد إليهم. وهذه المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر وأوسع من أن يقع عليها حظر وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب، وكاف لمن كان له لب. فتأملوا معاشر شيعة المؤمنين ما قالته أئمتكم عليهم السلام وندبوا إليه وحضوا عليه. وانظروا إليه بعيون قلوبكم، واسمعوه بآذانها، وعوه بما وهبه الله لكم واحتج به عليكم من العقول السليمة والافهام الصحيحة ولا تكونوا كأنداكم (13) الذين يسمعون الحجج اللازمة والحكم البالغة صفحا وينظرون فيها تصفحا (14) ويستجيدونها قولا ويعجبون بها لفظا، فهم بالموعظة لا ينتفعون ولا فيما رغبوا يرغبون ولا عما حذروا ينزجرون، فالحجة لهم لازمة والحسرة عليهم دائمة. بل خذوا ما ورد إليكم عمن فرض الله طاعته عليكم وتلقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة والانتهاء إليه والعمل به، وكونوا من التقصير مشفقين وبالعجز مقرين. واجتهدوا في طلب ما لم تعلموا، واعملوا بما تعلمون ليوافق قولكم فعلكم، فبعلومهم النجاة وبها الحياة، فقد أقام الله بهم الحجة وأقام (15) بمكانهم المحجة وقطع بموضعهم العذر، فلم يدعوا لله طريقا إلى طاعته ولا سببا إلى مرضاته ولا سبيلا إلى جنته إلا وقد أمروا به وندبوا إليه ودلوا عليه وذكروه وعرفوه ظاهرا وباطنا وتعريضا وتصريحا، ولا تركوا ما يقود إلى معصية الله ويدني من سخطه ويقرب من عذابه إلا وقد حذروا منه ونهوا عنه وأشاروا إليه وخوفوا منه لئلا يكون للناس على الله حجة، فالسعيد من وفقه الله لاتباعهم والاخذ عنهم والقبول منهم والشقي من خالفهم واتخذ من دونهم وليجة (16) وترك أمرهم رغبة عنه إذ كانوا العروة الوثقى وحبل الله الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بالاعتصام والتمسك به، وسفينة النجاة وولاة الامر، الذين فرض الله طاعتهم فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (17) " والصادقين الذين أمرنا بالكون معهم، فقال: " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (18) ". واجتهدوا في العمل بما أمروا به صغيرا كان أو كبيرا واحذروا ما حذروا قليلا كان أو كثيرا، فإنه من عمل بصغار الطاعات ارتقى إلى كبارها، ومن لم يجتنب قليل الذنوب ارتكب كثيرها. وقد روي: " اتقوا المحقرات من الذنوب وهي قول العبد: ليت لا يكون لي غير هذا الذنب (19) ". وروي: " لا تنظر إلى الذنب وصغره ولكن انظر من تعصي به، فإنه الله العلي العظيم ". فإن الله إذا علم من عبده صحة نيته وخلوص طويته في طاعته ومحبته لمرضاته وكراهته لسخطه وفقه وأعانه وفتح له مسامع قلبه وكان كل يوم في مزيد فإن الأعمال بالنيات. وفقنا الله وإياكم لصالح الأعمال وسددنا في المقال، وأعاننا على أمر الدنيا والدين وجعلنا الله وإياكم من الذين إذا أعطوا شكروا وإذا ابتلوا صبروا وإذا أساؤوا استغفروا، وجعل ما وهبه لنا من الايمان والتوحيد له والائتمام بالأئمة مستقرا غير مستودع (20) إنه جواد كريم. __________________________ (1) المحجة: جادة الطريق. (2) في بعض النسخ [الاعتراف له بانعامه]. (3) البزوغ: الطلوع، بزغت الشمس: طلعت. والطوى: الاضمار والاستتار. (4) انتجبه: اختاره واصطفاه. (5) كذا. (6) من كرم أي عظم والتكريم: التعظيم. (7) - بفتح الخاء - أي بخصوصيته وخصلته أو بضم الخاء بمعنى الصداقة والأول أظهر. وفى بعض النسخ [لا يخص]. (8) طرق له أي جعل له طريقا. (9) فيه سقط والأدلاء جمع دليل أو الدال وهو المرشد إلى المطلوب وفى الزيارة الجامعة الكبيرة في وصف الأئمة عليهم السلام: " السلام على الدعاة إلى الله والأدلاء على مرضات الله " إذ هم يدلون الناس على المعارف الإلهية والأحكام الشرعية. ولعل الساقط " ندباء ". (10) في بعض النسخ [متوجها]. (11) أي كنت مؤدبا لنفسي بسبب تلكم المواعظ. (12) البارعة مونث البارع من برع أي فاق علما أو جمالا أو فضيلة أو غير ذلك من الأوصاف. والرائق من الروق: الفضل من الشئ. (13) النديد من الند وهو الضد والنظير - والمراد به ههنا الأول. (14) في بعض النسخ [صفحا]. (15) كذا والظاهر: أنار. (16) الوليجة: البطانة. (17) النساء - 58. (18) التوبة - ١٢٠ وفى الكافي ج ١ ص ٢٠٨ عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال: هم الأئمة والصديقون بطاعتهم. وقال صاحب الوافي: لعل المراد أن الصادقين صنفان صنف منهم الأئمة المعصومون عليهم السلام والاخر المصدقون بأن طاعتهم مفترضة من الله تعالى. (19) في الكافي باب استصغار الذنب ج 2 ص 287 عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تغفر. قلت: وما المحقرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لم يكن لي غير ذلك. ويأتي أيضا في باب مواعظ أبى محمد العسكري عليه السلام من هذا الكتاب قوله عليه السلام: " من الذنوب التي لا تغفر: ليتني لا أؤاخذ الا بهذا ". (20) أي ايمانا مستقرا غير مستودع.
عن الطبعة
  • نشر سنة 2014
  • 326 صفحة
  • مؤسسة الأعلمي للمطبوعات

تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد

أبلغوني عند توفره
5 4 تقييم
34 مشاركة

اقتباسات من كتاب تُحف العقول عن آل الرسول

يا علي ثلاث منجيات : تكف لسانك. وتبكي على خطيئتك. ويسعك بيتك.

مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

مشاركة من Huwaidar
اقتباس جديد كل الاقتباسات
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم

  • مراجعات كتاب تُحف العقول عن آل الرسول

    12

مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    0

    يا علي: أحب العمل إلى الله ثلاث خصال : من أتي الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس ، ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس ، ومن قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس .

    مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    يا علي ثلاث منجيات : تكف لسانك. وتبكي على خطيئتك. ويسعك بيتك.

    مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

    Facebook Twitter Link .
    2 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    يا علي: إن من اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط الله ، ولا تحمد أحدا بما آتاك الله ، ولا تذم أحدا على ما لم يؤتك الله ، فان الرزق لا يجره حرص حريص ولا تصرفه كراهة كاره ، إن الله بحكمه وفضله جعل الروح والفرح في اليقين والرضى ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط .

    مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    يا علي: عليك بالصدق ، ولا تخرج من فيك كذبة أبدا ، ولا تجترين على خيانة أبدا ، والخوف من الله كأنك تراه ، وابذل مالك ونفسك دون دينك ، وعليك بمحاسن الأخلاق فاركبها ، وعليك بمساوي الأخلاق فاجتنبها .

    مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    يا علي: إنه لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أعود من العقل ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أحسن من المشاورة ، ولا عقل كالتدبير ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا عبادة كالتفكر.

    مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    يا علي آفة الحديث الكذب على الله وآفة العلم النسيان ، وآفة العبادة الفترة وآفة السماحة المن وآفة الشجاعة البغي ، وآفة الجمال الخيلاء ، وآفة الحسب الفخر .

    مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    يا علي : ثلاث من مكارم الأخلاق: تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.

    مواعظ #النبي_الأعظم وحكمه

    Facebook Twitter Link .
    1 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    0

    .

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
المؤلف
كل المؤلفون