اقتباسات من كتاب الجنوبي

كانت تلك الجرانيتية الحادة تضيئه وضوحًا في نفس اللحظة التي يخبئ كتمانه الكثير في داخله، ويحول كل الصلابة، والحدة، والتطرف إلى أقنعة يتوارى خلفها قلبه النبيل الذي أرهقته مرارة الأيام.

لا يفصح عن مشاعره ولا تدخل قواميسه عبارات الإطراء وألفاظ الحب. إن إخفاء مشاعره، وكتمانها، سمتان غالبتان عليه، وعلى الآخرين وحدهم إدراكها دون إفصاح منه.

إنه يتلف الألوان جميعها ليظل الأبيض والأسود وحدهما في حياته.. يحب أو يكره، يبارك أو يلعن.. هارب دائمًا من كل مناطق الحياد التي تقتله.

لا يحب أمل منطقة الوسط، ولا ينتمي للمناطق الرمادية، يمقت الحلول الوسط، ويحتقر الانفعالات الوسط، ويتحدى الطبقات الوسطى.

يملأ الأماكن ضجيجًا وصخبًا وسخرية وضحكًا ومزاحًا.. صامت إلى حد الشرود يفكر مرتين وثلاثًا في ردود أفعاله وأفعال الآخرين، حزين حزنًا لا ينتهي.

كان الفقر في منزلنا يحولنا إلى ثرييْن، وكان الفقر يضاعف احترامي لهذا الشاعر الذي يمكنه كثيرًا النوم جائعًا، بينما يستحيل عليه النوم يومًا متنازلًا أو مساومًا أو مصالحًا، وما أكثر المتنازلين العارضين أنفسهم في أسواق البيع والشراء، ينامون وبطونهم تمتلئ بالتخمة، وعقولهم بالمهانة.

‎إنها المرة الأولى التي نعرف فيها حقيقة قسوة الفقر.. المرض هو الحالة الوحيدة على هذه الأرض التي تحول الفقير إلى بائس حين يواجه قدره عاجزًا.

كان يسكن قلبي

‫وأسكن غرفته

‫نتقاسم نصف السرير

‫ونصف الرغيف

‫ونصف اللفافة

‫والكتب المستعارة

هو الصمت، السكينة، والهدوء، والاطمئنان، والقوة، والصلابة، والنبالة، والتواصل الإنساني، بل إن شعره أيضًا عرف كيف ينقل هذا الصمت الحاضر.