اقتباسات من رواية ترنيمة سلام

لابدّ أنها اكتشفت أن كلّ هذه الأمور تفاهات، كلّ هذه الدنيا بكلّ ما فيها من متعٍ وآلام لا تستحق لحظة حزنٍ واحدة،

الكثير من الوقت ضاع، أيام وشهور وسنون ضاعت في أمورٍ تافهة ما كان عليّ أن أتوقف أمامها. شعرتُ بمدى حماقة الإنسانية التي تُضيّع وقتها وجهدها ومواردها في التجهيز لتدمير نفسها. لو أن الجميع تعاونوا، لو أن الجميع تخلّوا عن وهم الصراع والتفوّق، لو تمّ تقسيم كلّ شيء بالتساوي بين الجميع، لما عانت البشرية لحظة واحدة. ‏

ظللتُ شهرًا كاملاً لا أفعل شيئًا سوى الاختلاء بنفسي والشعور بالتسليم الكامل لله، انزوت نفسي ورغباتي، اضمحلّت إرادتي ولم تعد هناك سوى إرادته تُحرّكني كيف شاء.‏

لا تُحمّل نفسك مسؤولية ما وقع لك وما آلت إليه الأمور، في كلّ مرحلة من حياتك كان عليك الاختيار بين عدّة خيارات، وأنتَ كنتَ تختار بناءً على ما توافر لديك وقتها من خبرة ووعي.. خبرتك ووعيك الآن يخبرانك أن كثيرًا من خياراتك كانت خاطئة، لكن عليك أن تُدرك أنك وقتها لم تكن تملك ما تملكه الآن، وليس عليك أن تتمنى عودة الماضي لتُعيد الاختيار، اختياراتك الماضية حتى ولو كانت كارثية فهي ما صنعت منك ما أنتَ عليه الآن.. لم يكن الأمر عبثًا ولا هدرًا، لقد كان ضروريًا لتنضج وتُصبح أنتَ أنتَ! ‏

حينما يشتعل القشُّ بالنار، هل كان ذلك بسبب وجود جذوة نار بجواره؟ العقل سيقول نعم، أنتَ وأنا سنقول نعم، هكذا تجري الأمور.. لكنّ الحقيقة أن القشَّ أُريد له أن يشتعل، وكان لابدّ من وجود سببٍ يُتيح لعقولنا استيعاب الأمر، وإلا ما كنّا لنفهم شيئًا لو اشتعل القشُّ من نفسه فجأة أمام أعيننا! ‏

ستصل إلى السلام النفسي إذا عشتَ طوال الوقت بمحبّةٍ وامتنانٍ وتسليم!‏

لا إله إلا أنتَ، سبحانك اللهمّ وبحمدك، ظلمتُ نفسي، فاعفُ عنّي، إنك أنتَ العفو الرحيم، لا إله إلا أنتَ، سبحانك اللهمّ وبحمدك، ظلمتُ نفسي، فاعفُ عنّي، إنك أنتَ العفو الرحيم، لا إله إلا أنتَ، سبحانك اللهمّ وبحمدك، ظلمتُ نفسي، فاعفُ عنّي، إنك أنتَ العفو الرحيم. ‏

لا تنشغل بالوصول إلى وجهتك، اهتمّ بالطريق وخذ ما يلزمك من الزاد والخرائط، أما الوصول بنجاح فهو أمر قام غيرك بتدبيره.. انشغل بما هو في حدود اختصاصك وليس بما هو خارج مقدرتك.‏

‫‏هذه الحكمة تحمل معنى الرضا والثقة بالله، تحمل معنى الراحة والطمأنينة وعدم الجري في الدنيا جري الوحوش.. فالرزق قادم قادم، ولن يأخذ أحدٌ أقلّ مما كُتب له.. لا يجب علينا الانشغال بما سيأتينا، لأن ما سيأتينا سيأتينا كاملاً غير منقوص وحينما يحين وقته".‏

به.. لا تنشغل بالوصول إلى وجهتك، اهتمّ بالطريق وخذ ما يلزمك من الزاد والخرائط، أما الوصول بنجاح فهو أمر قام غيرك بتدبيره.. انشغل بما هو في حدود اختصاصك وليس بما هو خارج مقدرتك.‏

كنتُ أرقد في سريري في غرفة الضيوف ببيت خالتي، أرمق الظلام حولي في جميع الاتجاهات، شاعرًا أن العالم لم يعد مشكلتي بعد الآن، ليس هناك شيء بحاجة للقلق من أجله، ليس هناك شيء أنتظر وقوعه. لم أشعر من قبل بسلامٍ نفسي كالذي شعرتُ به في تلك الفترة.‏

‫‏هل يكمن السرّ في التسليم؟ عدم انتظار أي شيء؟ الوصول إلى قمة المعاناة بحيث لا يصبح هناك ألم أكثر؟‏

‫‏حينما أفكّر في تلك اللحظات أجد أن ما فعلته حقًا وقتها كان تقبّل ما أنا فيه. التوقف عن الرغبة، التوقف عن المقاومة، الاستكانة لتيّار الحياة.

في طفولتك لم تكن تحمل هما , لم تكن لديك حسابات لأي شئ , لم تكن تفكر نادما في الماضي ولم تكن قلقا بخصوص المستقبل , فكنت تمتص روعة حاضرك لحظة بلحظة , كل ما تراه وتفعله تشعر بقوة الحياة فيه تتشرب جماله وعنفوانه .. حينما كبرت أصبحت قلقا كعادة البشر حينما ينضجون فيشعرون بالخوف من الحياة , واذا بك تفكر طوال الوقت إما في الماضي أو في المستقبل .. أصبحت تعيش لحظة مضت أو لحظة لم تأت بعد , بينما اللحظة الحالية تضيع واحدة تلو الأخرى .. في النهاية ستجد أنك لم تعش أصلا ! ستصل نهاية حياتك لتكتشف أنك لم تعش سوى في طفولتك , بينما بقيه عمرك قضيته في أزمان أخرى.

التجارب لا يمكن استنساخها لأن لكل منا ظروفه و طريقه الخاص قد تكون الوجهة واحدة لكن تختلف السبل و في النهاية ما لا يدرك كله لا يترك جله !

اللحظة الحالية لم تُخلق لنا كي نرفضها و نعيش في زمن تخيلي