"جاء في إحدى القصص الشرقية القديمة أن رجلا كان يطارده وحش شرس بري , فلجأ الرجل إلى بئر لا ماء فيها لينقذ نفسه من شر الوحش . ولكنه لسوء حظه لم يدخل البئر حتى رأى في قعرها تنينا فاغرا فمه ليبلعه . !!
فأخذ الرعب بمجامع قلب الرجل المسكين ولكنه لم يجرؤ على الخروج من البئر خوفا من الوحش , ولا على النزول إلى قعر البئر خوفا من التنين ولذلك عمد إلى غصن شجرة صغيرة كانت نابتة في شق من شقوق البئر ..
ولكن التعب أخذ من ذراعيه مأخذه فأدرك أنه هالك لا محالة , لأن الموت كان ينتظره في الأمرين جميعا .
ولكنه ظل متعلقا بالغصن .
وفيما هو ينظر إلى جذع الشجرة التي كان متعلقا بها .. إذ رأى جرذين الواحد أبيض والثاني أسود يدوران حول جذع الشجرة , وهما يقرضانه بهمة ونشاط .
رأى المسافر كل هذا وأدرك أن الشجرة ستسقط قريبا فيقع هو في فم التنين الذي كان يترقبه بفارغ الصبر . ولكنه نظر في الوقت نفسه بضع نقط من العسل على أوراق الشجرة فمد لسانه وشرع يلحسها متناسيا شقاءه كله" ...
هكذا أتعلق أنا بغصن شجرة الحياة، عارفا أن تنين الموت ينتظرني، وه على أتم الاستعداد ليمزقني إربا إربا، ولا أدري لماذا قدر لي أن أحتمل كل هذه المشقات، وأنا أيضا/ كذلك المسافر، كنت أسعى لامتصاص العسل الذي عرض لي في طريقي الماضية، ولكن هذا العسل لا يلذ لي اليوم في حين أن الجرذ الأبيض والأسود وهما الليل والنهار، يعملان بغير انقطاع في قرض الغصن الذي أتمسك به.."