غالباً ما يختبئ المؤلف أو الراوي خلف ستار إحدى شخصيات الرواية وتتولى تلك الشخصية بالنيابة عنه مهمة رواية الأحداث. إحساس القارئ بوجود المؤلف "فعلياً" قليل أو نادر الحدوث؛ هنا في الأنفس الميتة الوضع مختلف تماماً، الراوي خلق نوع من "النميمة" التي بطبعها تستدعي إحساس القارئ أنه جالس في جلسة مع متحدث لا تنقصه البراعة.
في رسالة لبوشكين يقول غوغول: (بدأت أكتب الأنفس الميتة الموضوع امتد ليصير رواية طويلة جداً، واعتقد أنه مضحك جداً.....أحب أن أظهر في هذه الرواية جانباً واحداً على الأقل من روسيا)
الأنفس الميتة هي الوصية المقدسة لبوشكين الذي يمكن اعتباره عرّاب هذه الرواية، تابعها خطوه بخطوه وساهم ببعض أفكارها لكن لم يُكتب له أن يعيش ليقرأها كاملة. اختزل غوغول المجتمع الروسي بشخصية تشيتشيكوف التي تتمحور حوله الرواية. تشيتشيكوف يشترى النفوس الميتة والتي لا تزال مسجلّة في سجلات الدولة على أنها حيّة لماذا يا ترى؟ هذا السؤال هو محور الرواية لا أخفيكم أن التكهن بمجرى الأحداث ليس باليسير وخصوصاً أن أسلوب غوغول يتسم كما أسلفت بالنميمة والنميمة بطبعها ترتكز على توافه الأمور! أسلوب أقل ما يقال عنه أن تمويهي ليوجه تفكير القارئ في اتجاه معين، وبالفعل نجح في ذلك.
تشيتشيكوف شخصية سليمة من سياق الأحداث ولذلك توقعت كل شيء إلا أن يكون هدفه في النهاية "الهدف الذي كان". هنا يكمن مغزى الرواية الذي استفاض المؤلف بشرحه في نهاية الرواية.
______
ملاحظة:الترجمة لعبد الرحيم بدر ممتازه
