_(مَنْ أنتِ؟).
_(مِنْ أين جاءَ العالم؟).
كما يُقالُ عادةً: (الدّهشةُ، هي الأم التي أنجبت لنا الفلسفة).
دهشة "صُوفي" بدخولها إلى عالم الفلسفة كانَ بِمثابة العنصر المُشوق في الرواية؛ فقد وُضِعتْ أمام أكبر الأسئلة التي لازالت إلى الآن محل نقاشات فلسفية لا نهاية لها؛ وإلى الآن لمْ يُوضعْ لها إجابة كافية ووافية.
صُدِمَتْ بهذه الأسئلة الفلسفية، ودهشتها هذهِ كانتْ بمثابةِ المفتاح الذي افتتحتْ به باب الفلسفة ككل؛ ابتداءً بالفلاسفة ما قبل عهد سُقراط، فلاسفة الطبيعة، وفلاسفة ميلي الثلاثة.
ثُمّ، بسُقراط، أفلاطون، أرسطو، انتقالًا إلى العصور الوسطى، وسيطرة وطُغيان الكنيسة ورجال الدين آنذاك على زِمام الأمورِ. ثُمّ، عصر النهضة، كَانت، وديكارت، وسبينوزا، داروين، فُرويد، إلى جان بول سارتر، والفلسفة الوجودية.
النصف الأول مِنْ الرواية يروي عن "صُوفي"، الفتاة الرائعة، الشغوفة بحب الفلسفة والفلاسفة، وتعليمها مِنْ قبل الفيلسوف "ألبرتو كنوكس"، الذي كان يبعثُ لها الرسائل على بريدها الخاص، واكتشاف أمره بعد ذلك، ليقوم بتعليمها بشكل مُباشر. تُحاول "صُوفي وألبرتو كنوكس" في صفحات هذهِ الرواية الكشف عن الأسرار الغامضة المرتبطة "بِألبرت كناج"، والذي يتبين أنه يمتلك قدرات خارقة للطبيعة؛ تتداخل في الرواية أحداث تعتبر مُستحيلة، حيثُ ترى "صُوفي" مرة نفسها في المرآة تغمز بعينيها الاثنتين، ونُطق الكلب "هُرمز"، وحديث بعض الحيوانات في الغابة، وغيرها.
والنصف الآخر، سُرعان ما تبيّن لي أنّ (صُوفي، والفيلسوف) ما هُما إلا شخصيّتان غير موجودتان في الواقع، بل شخصيّتان في رواية تحمل اسم (عالم صُوفي)، قد كتبها الكاتب والفيلسوف "ألبرت كناج/المايجور"، العامل في قوى حفظ السلام لدى الأمم المتحدة العاملة في لبنان؛ لابنتهِ (هِيلد موللر كنا غ) كهداية في عيد ميلادها الذي يكون في 15/حزيران، وبذلك، تكون قد بلغتْ الخامسة عشر مِنْ عُمرها.
فكرة الكاتب والفيلسوف (جوستاين غاردر) هي بناء ملكة فلسفية لدى القارئ؛ وجعلهِ يُنمّي الثقافة الفلسفية لديه، وتعليمهِ التفكير والمنطق السليم، ولكن بطريقة غير مُباشرة.
وكُلنا يعلم أنّ المعلومات الموجودة في الرواية بالإمكان وُجُودها في أي كتاب فلسفي، ولكنْ، العِلّةُ تكمن في كيفية صياغتها وتبسيط الفكرة والمعلومة.
فقد وضعها في شكل رواية حتى تُثير الفُضول والشغف لدى القارئ؛ ومِنْ ثَمّ، اكتسابهِ لمحة فلسفية تاريخية عن تأسيس الفلسفة ودراسة أهم الفلاسفة الذين برعوا فيها.
كذلك، لمْ يُدقق في حيثيّات الأفكار والموضوعات، فلمْ يكن هذا هو المغزى حتى يُدقق في التفاصيل، بل جعلها أسلوب مَحاورة بين الفتاة والفيلسوف، ويظهرُ ذلك واضحًا في كيفية أسئلة "صُوفي" وكيفية مُعارضتها للأسئلة والأطروحات، وكيفية النقاش معه، والأجوبة بحس فطري سليم، مما زاد الرواية جمالًا.