حصل هذا الكتاب- الذي هو عبارة عن محاضرات متعددة لفيزيائي امريكي حاصل على جائزة نوبل- على الكثير من المدح الذي يستحقه فعلا ..لان فاينمن اثبت فعلا انه يفهم ما يشتغل عليه بعقل موسوعي فضولي باحث نهم لا يكل عن تقصي الحقائق بغض النظر عن ارائه في الدين و المتيافيزيقا فهو لم يحدد رأيه بثبات فيها انما قال ان على العلمي الا يتخلى عن شكه ..انا اظن ان فاينمان لم يسمع عن قول سيدنا النبي عليه السلام (نحن اولى بالشك من ابراهيم ) ، وهو شك وجودي يقود لحقيقة الحقائق وهي الله .وقوله عليه السلام ليس معناها انه شك انما قال لو شك ابراهيم لكنا اولى بالشك منه وهو لم يشك فنحن لم نشك ..ولكننا اتينا بالحديث اثباتا ان الشك دليل اسلامي اصيل لكنه طريق فقط مؤدي للحقائق وليس منهاج حياة ..فانت حتى لو كنت تشك في كل شيء سترضى بمسلمات مؤقتة ما ..الى ان تصل الى اليقين ..
المهم ما لفت انتباهي في هذا الكتاب امران ..
1- بعد ان رأى فاينمن اول انفجار تجريبي للقنبلة النووية ، لما عاد الى المدن ورأى الناس يبنون الجسور ..كاد يصيح بهم ان هذا عبث فكل شيء فان وكل شيء سيهدم !! اظن ان هاته كانت صحوة فكرية او لمعة صوفية ما فانت رأيت هول انفجار قنبلة ذرية فقلت ما قلت ..فما رأيك بمن طالع قيام الساعة ؟.. اليس من حقه البكاء على من يتطاول في البنيان ؟! (الزاهد مالك بن دينار تاب لرؤيته ابنته تنقذه لما قامت القيامة في المنام ومن ثم تزهد واصبح من اكابر الزهاد )
2- كان ابو فاينمن هو من غرس فيه اصلب التفكير العلمي الصحيح في قصة طريفة لهما لما كانا في الغابة تقراونها في هذا الكتاب ..الطريف الاخر هو ان فاينمان حكى بدقة ان اباه قال لامه لما كان صغيرا جدا (ان ابني هذا عالم ) ..وقد كان كذلك ..لذا لا داعي للاستغراب من اولئك الذين يدعون العلم من القصص التي يظهر فيها من يقول للعظماء انهم سيصبحون كذلك بعد فترة من الزمن كما قال ابوطالب في سيدنا النبي عليه السلام (سيكون لابني هذا شأن ) فها هي قصة حديثة جدا من سنوات التسعينات تحكي مثل هذا الأمر ،وابوه ليس متدينا او ذو عقائد الهية ما ..
3- الكتاب يشرح الامور بصيغة مبسطة ورائعة جدا ومرحة ..ولن تحس بالوقت لما تقرأه لسهولته ..يمكنك تجاوز المحاضرة التي تتكلم عن الحواسيب لدخول المعادلات التقنية والمملة فيها ..باقي المحاضرات قصص ومعلومات وطُرَف ممتعة .
