اقتباسات من رواية عالمي الهادئ

هل سبق لك أن شعرت أنك قابلت للتو شخصًا عرفته منذ قديم الأزل؟ أن أول كلماته لك كانت مكملة لمحادثة ودودة قديمة بينكما لا تذكرها بوضوح؟‏

هل سبق لك أن شعرت أنك قابلت للتو شخصًا عرفته منذ قديم الأزل؟ أن أول كلماته لك كانت مكملة لمحادثة ودودة قديمة بينكما لا تذكرها بوضوح؟‏

أنت لن تكره الحرب أكثر مني.. أنت لم تجرب ألم اليقين بأنك ستموت الآن، وأن أنفاسك على هذه الأرض صارت معدودة.. لم تجرب ألم أن تقتل أحدًا لا تعلم عنه شيئًا، سوى أنك قتلته كي لا يقتلك.. أنت لم تر عينَي شاب كان يأمل بالعودة لأهله، وبحياة هادئة مطمئنة، تنطفئان للأبد.. الحرب لم تكن اختياري، بالتأكيد لم أرغب فيها أكثر من رغبة زوج زوجتك الأول. كل ما أريده حياة ساكنة، وأن لا أرى دمًا آخر.. أريد أن أنسى كل ما حدث، كل ما رأيته، وكل ما شاركت فيه.. ‏

عندما كنت صغيرًا، وعدت نفسي أنني لن أموت قبل أن أرسم لوحة تضاهي جمال كل شيءٍ في هذا الكون. كنت أحب الرسم. قيل لي إن لي أصابع خُلقت لتمسك بالفرشاة. كنت أشعر بكل خطٍ على الورقة، أسحبه من فيض روحي مباشرة. لكن مع الوقت، علمت أن الرسم ليس مكتوبًا له أن يكون طريقًا للحياة. هو وسيلة للقدرة على استمرارها. لذا وعدت نفسي بلوحةٍ واحدة فقط، لا أكثر.. فقط لكي لا أترك هذا العالم بدون أن يعلم أنني أحببت الرسم، وأنني كنت قادرًا على أن ألقط جماله بأناملي. ‏

ما دام من يستمد منهم الأمان في العالم يبكون، فما عاد هناك أمان.‏

‫‏***‏

‫ ‏صارت الليالي أطول وأكثر ثقلًا. صار العالم أبرد وأبهت ألوانًا. غابت الابتسامات التي كان يراها في كل الوجوه، ولم يعد هناك سوى التجهم. كان الأمر كصاعقة مفاجئة من الحياة، لتفيقه على حقيقتها.‏

أحيانًا يكون السكون قاتلًا.‏

‫ ‏حينما تُترك لذاتك كل هذه الساعات، تسرح في الماضي والحاضر والمستقبل. تكسر أفكارك حاجز الزمن، وتزداد جراءةً على عبور خطوط الأمان التي وضعتها عبر السنين، وتضحك من ذكريات قديمة كما لو كنت تراها أمام عينيك، وتفكر في المستقبل كما لو كان في متناول يدك.

لا أدري ما المنطق في هذا، لكنني لحظتها تمنيت الموت خوفًا من الموت. ‏

‏دومًا لا يأبه أحد بالبدايات ولا بالمقدمات -أرى المفارقة في كتابة هذا في مقدمتي، وأتجاهلها- ولكن يفزعون من النتائج. أنا أدركت في رحلتي الطويلة في تتبع المقدمات ونتائجها معنى أن للكون قوانين، وأن النهاية مكتوبة ومقررة منذ لحظة البداية، وكيف أن كل شيء يسير في اتجاهه لا ينحرف. نحن لا نغير التاريخ، وأؤمن أن هذا يعني أن المستقبل لا يمكن تغييره أيضًا. لكن يمكننا أن نقرأ.. نحاول أن نفهم.. نحاول أن نكوِّن صورة باهتة مضطربة عن المعنى.

‏لحظة أموت، يموت معي العالم كله. كل ما لا أراه هو غير موجود.. كل ما لا أسمعه غير موجود. ما الفارق بين نهايتي ونهاية الكون؟.. كيف سأعرف أنني أنا من متُّ، وليس أن الكون هو من انتهى فجأة ولم يبقَ سواي؟ ‏

‏لحظة أموت، يموت معي العالم كله. كل ما لا أراه هو غير موجود.. كل ما لا أسمعه غير موجود. ما الفارق بين نهايتي ونهاية الكون؟.. كيف سأعرف أنني أنا من متُّ، وليس أن الكون هو من انتهى فجأة ولم يبقَ سواي؟ ‏

‏لحظة أموت، يموت معي العالم كله. كل ما لا أراه هو غير موجود.. كل ما لا أسمعه غير موجود. ما الفارق بين نهايتي ونهاية الكون؟.. كيف سأعرف أنني أنا من متُّ، وليس أن الكون هو من انتهى فجأة ولم يبقَ سواي؟ ‏

‏لحظة أموت، يموت معي العالم كله. كل ما لا أراه هو غير موجود.. كل ما لا أسمعه غير موجود. ما الفارق بين نهايتي ونهاية الكون؟.. كيف سأعرف أنني أنا من متُّ، وليس أن الكون هو من انتهى فجأة ولم يبقَ سواي؟ ‏

‏لحظة أموت، يموت معي العالم كله. كل ما لا أراه هو غير موجود.. كل ما لا أسمعه غير موجود. ما الفارق بين نهايتي ونهاية الكون؟.. كيف سأعرف أنني أنا من متُّ، وليس أن الكون هو من انتهى فجأة ولم يبقَ سواي؟ ‏

ربما ينتهي العالم لحظة أغلق عينيي للمرة الأخيرة.‏

تحذير يحرق الأحداث‏:‏

‫ هذه حكاية نادرة

‫ تنتهي نهاية سعيدة

ربما العالم لم ينتهِ‏. ربما لن ينتهي أبدًا. الحقيقة أننا نحن من انتهينا. آخر أيام البشر على هذا الكوكب الحزين، أو ربما هو السعيد الآن بهذه النهاية. من تراه سيأتي من بعدنا؟ هل سيسيرون على أثرنا؟

نحن لا نغير التاريخ، وأؤمن أن هذا يعني أن المستقبل لا يمكن تغييره أيضًا. لكن يمكننا أن نقرأ.. نحاول أن نفهم.. نحاول أن نكوِّن صورة باهتة مضطربة عن المعنى.‏

‏- لكن ما دمت حيًا يمكن أن يأتي اليوم الذي تراهم فيه مجددًا.. ألا توَدُّ أن تعطيهم قبسًا من الأمل؟ ‏

‫ ‏- الأمل خطير.. ‏

‫ ‏ضحكت مرددة بنبرة ساخرة: "الأمل خطير جدًا.. ألا تقدر على التفاؤل؟"‏

‫ ‏فكرت في إجابة لسؤالها.. "لا أعلم.."‏

‏- لكن ما دمت حيًا يمكن أن يأتي اليوم الذي تراهم فيه مجددًا.. ألا توَدُّ أن تعطيهم قبسًا من الأمل؟ ‏

‫ ‏- الأمل خطير.. ‏

‫ ‏ضحكت مرددة بنبرة ساخرة: "الأمل خطير جدًا.. ألا تقدر على التفاؤل؟"‏

‫ ‏فكرت في إجابة لسؤالها.. "لا أعلم.."‏

‏- أتعلم.. عندما كنت صغيرًا، وعدت نفسي أنني لن أموت قبل أن أرسم لوحة تضاهي جمال كل شيءٍ في هذا الكون. كنت أحب الرسم. قيل لي إن لي أصابع خُلقت لتمسك بالفرشاة. كنت أشعر بكل خطٍ على الورقة، أسحبه من فيض روحي مباشرة. لكن مع الوقت، علمت أن الرسم ليس مكتوبًا له أن يكون طريقًا للحياة. هو وسيلة للقدرة على استمرارها. لذا وعدت نفسي بلوحةٍ واحدة فقط، لا أكثر.. فقط لكي لا أترك هذا العالم بدون أن يعلم أنني أحببت الرسم، وأنني كنت قادرًا على أن ألقط جماله بأناملي. ‏