شارع النحس
تأليف
أحمد جمعة
(تأليف)
"غاص الشارع أمامها بمياهِ الأمطار، وكان ثمَّة بضعِ سيارات تائِهة بتلك الساعة، لم يخطر ببالِها وهي تقود أيّ من الأفكار المتعلِقة بالعالم، حتى أنّها رغم المطر وأضواء الشارع المنعكِسة على الزجاج الأمامي للسيارة، لم تشعر بالخوف، ولم يطرأ على بالها النحس مطلقًا، عندما اقتربَت من منزلها وقد ساوَرها النعاس، تثاءبت وابتسمت عندما خطرت بذهنها عبارات درويش، فكرَت بجوابٍ قادم لها عندما يسألها عن سلمان، ولكن فجأة قطع أفكارها بهذه اللحظة رؤيتها لعامل نظافة يحتمي تحت مظلّة سيارة عند أحد البيوت الملاصِقة لمنزلها اقتربت منه ورأته يتطلَّع نحوها وقد امتلأت عيناه بالأمل وانفرجت شفتاه بابتسامة وكأنّه ملَك العالم، نظر لها بلطفٍ بادلته نظرة طبعها الحبّ، توقفت عنده، فتحت حقيبتها وأخرجَت ورقة من فئة العشرة دينار، فتحت النافذة ومدتها له، خرج من تحت مظلّة مرأب السيارة وقد بلَّله المطر واستلم الورقة وفاض الفرح في عينيه وملأ وجهه كله. لم ترَّ وجهًا متفائلاً كوجه عامل النظافة هذا، وعندما سارت خطوات فجأة توقفت وعادت للوراء، فتحت نافذة السيارة فيما اقترب منها هو ثانية، سألتهُ عن اسمه فرد بوجهٍ هزيل وعينين رماديتي اللون وذات الابتسامة المُضيئة كأنَّها ضوءٌ من السماء.
"عرفان رحمن علم"!!!
عندما حطَت رأسها على الوسادة، راحت تتأمّل إن كانت في حلم أم أنَّها أمضَت الليلة كلَّها بهذه الصورة؟
"