كتابة الظل: الفوتوغرافيا من النشأة إلى المعاصرة
تأليف
عز الدين بوركة
(تأليف)
اختار الناقد الجمالي المغربي عز الدين بوركة أن ينصت إلى الفوتوغرافيا من زاوية التفكير فيها؛ بمعنى أنه استجمع معارفه ومقروءه وموقفه الفني في بوثقة واحدة, ولكن دون المساس بجوهر التصوير. لأن النظر إلى هذا الفن الضوئي من النشأة إلى المعاصرة يستلزم مسارا من نوع خاص واقترابا من زاوية أخرى. لهذا فضل بوركة التفكير في الفوتوغرافيا إبداعيا، ولكنه أشبه بالاستنتاجات الفلسفية التي لا تضع حدودا بين الفن والتقنية، أو بين الكتابة والعلم. لقد استجمع عزالدين بوركة في هذا المنجز ما تفرق في غيره متوقفا عند تجليات الفوتوغرافيا وعلاقاتها المتشعبة بالأشياء والعناصر، وهو يستجلي المستغلق والزلق على نحو غير مباشر، ذلك أن انتهاج التفقير والتشذير والإقلال كان من ورائه التوقف عند شساعة الموضوع، وهي استراتيجية تروم التأمل والتفاعل عوض التحليل المباشر ، والإنصات الوفي. فلا مجال لمساءلة الفوتوغرافيا مساءلة صارمة، لأنها تتعدى حدود تلك العلبة النيرة، أو الغرفة المظلمة، بل إن مصيرها مرتبط بحاسة اللمس أو الضغط المتوازن مع الرؤية. بين النور والظل، يتجول عزالدين بوركة، ومعه القارئ أيضا، عبر كتابة شذرية تأملية، تصوغ رؤيتها من منافذ مختلفة لكنها متواشجة ومنتظمة على نحو تصاعدي؛ وبلغة خفيفة على المدارك لكنها ثقيلة في نتائجها وكلياتها.