ما السؤال الجمالي الذي يطرحه كتاب قصصي اختار من البداية محطة قطار لتكون عالمه السردي، واختار أن تدور كل أحداثه في يوم واحد، وأن يكون رواة القصص راويًا واحدًا، عليمًا، هو عمود إنارة محطة القطار نفسها؟
تبدو هذه البنية، بميلها إلى شكل الرواية الحديثة أكثر منها الكتاب القصصي، انزياحًا عن أعراف المجموعة القصصية، وليس الانزياح الوحيد، إنه نقطة الانطلاق لعالم سردي يتراوح بين الواقعية من ناحية والعبثية الشديدة من ناحية أخرى، وبين هاتين الضفتين جسر من التراث الشعبي في شقه السحري.
هذه مجموعة مصرية بامتياز، نبتت من الأرض بواقعها الغرائبي وفكاهيتها المريرة وتصوراتها البسيطة والصوفية عن الإله، ومشهديتها إذ تبدو سلسلة من المشاهد الممتدة والمتراكمة القادرة على رسم خريطة ليس للمحطة وحدها، وإنما للعابرين فيها والمستقرين حول قضبانها.
"حكايات الغماز" للكاتبة هبة الله أحمد، كتاب قصصي ممتع وذكي وشديد الحساسية.