حكايات الغماز > مراجعات كتاب حكايات الغماز > مراجعة Youmna Mohie El Din

حكايات الغماز - هبة الله أحمد
تحميل الكتاب

حكايات الغماز

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

مجموعة قصصية: حكايات الغمّاز

تأليف: هبة الله أحمد

دار النشر: دار العين للنشر والتوزيع

في قصة "الغماز"، يبرز السرد القصصي بأسلوب مميز، حيث تتراكم الأحداث رغم قصرها، في صياغة ترسم الخيال وتُبقي على صمت الأصوات، بينما تتجلى المشاهد أمام القارئ كما لو كانت لقطات سينمائية.

تتعدد الشخصيات وتتشابك حول محطة واحدة، تُروى من زوايا مختلفة ومن منظور جديد، لتقدم قصة مترابطة تهدف إلى الكشف عن الراحلين خلف الكواليس، أولئك الذين تُخفي أرواحهم الحقائق والأسرار، وتفصح عنها من خلال القصص الكامنة بداخلهم.

القصص مكتوبة بلغة عربية فصيحة، تتمايل على إيقاع موسيقى أم كلثوم الهادئة، مما يضفي على النصوص طابعًا شعريًا مؤثرًا.

ما أعجبني في هذه المجموعة هو الأسلوب الفني في اختيار الكلمات، ذلك الإبداع القوي والفريد، المنفصل عن الواقع، لكنه يصطدم به فجأة، فيسقط القارئ في دوامة من الوهم الساحر. اللغة أقرب إلى الخيال، لكنها لا تنفصل عن الواقع، بل تغوص فيه برؤية إنسانية عميقة، تعكس معاناة العابرين في حياة فقيرة، داخل محطة واحدة، يتقاطع عندها مصير الجميع.

القصص تحمل دهشة وخوفًا داخل إطار واقعي، وهي عاجزة عن الوصف الكامل لما تحويه من مفاجآت، بما تحمله من عمق إنساني بالغ.

ورغم الطابع الفصيح للغة، إلا أن الكاتبة تمزجها أحيانًا بلمحات عامية مصرية رقيقة، دون أن تخرج عن الإطار الفني، وبأسلوب ذي حساسية عالية، يعكس عوالم القطارات السريعة، وسباق البشر نحو الحرية والحياة، بخيوطٍ من تفاصيل المحطات اليومية.

كل حكاية تدور حول قطار، وكل الشخصيات كانت ذات يوم على رصيف إحدى المحطات، من شتى المحافظات، لا سيما من صعيد مصر، في مشهد يتكرر بين الغرباء الذين يلتقون في زحام الرحيل والانتظار.

الرسومات التي تعلو عناوين القصص جاءت داخل إطار فني مبدع، يضيف إلى جمال النصوص بعدًا بصريًا وإنسانيًا.

الكاتبة أبدعت في اللعب باللغة والأسلوب، بصياغة ذكية تمزج بين الواقع والخيال، الشجن والألم، الأمل والحزن، وتجسد الفقر والمعاناة في رحلة البشر المختلفة.

الوصف الدقيق لملامح الوجوه، والأجساد، والملابس، جاء أقوى من أي عمل سابق، ويدل على تطور واضح في الحِرفة السردية.

ما أدهشني بحق هو قدرة الكاتبة على الربط بين جميع القصص في دائرة محكمة تدور داخل محطة القطار، حيث يلتقي الراكبون، القادمون، والمغادرون، ولكل منهم قصته وطريقه.

حتى الباعة المتجولين داخل المحطة لهم نصيب من الحكاية، إذ ترسم المجموعة صورة واقعية، إنسانية، واجتماعية، شديدة الحساسية، تنبض بالحياة، لكنها لا تخلو من الخوف والقلق..

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق