اقتباسات من كتاب والذين معه: الصحابة كما لم تعرفهم من قبل

المرءَ متى أخلصَ النِّية لله، أعطاه الله تعالى فوق ما نوى!

وروى أحمدُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ:

‫ أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ!

‫ وَأَمَرَنِي أَلَّا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا!

‫ وَأَمَرَنِي أَلَّا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ!

لينُوا للعصاة، وتحبَّبُوا إليهم!

‫ ما أجمل لينَ سعدٍ وهو يقول لأبي مِحْجَن: إنِّي لأرجو الله ألَّا أجلدك على خمرٍ بعد اليوم أبداً!

‫ فوقع هذا اللِّين في قلب أبي مِحْجَن، وتاب!

‫ النَّاس بحاجةٍ إلى من يأخذ بأيديهم إلى الله!

ولكنَّه الحبُّ الذي يجعل كلّ من على الأرض متشابهين، عدا شخص واحدٌ يعيش في القلب، الحُبُّ الذي يجعلنا لا نرى سواه كأنَّه كلُّ أهل الأرض! يجعل الخيارات الكثيرة خياراً واحداً!

إن الحبَّ لم يكن يوماً عيباً يُستر، أو ذنباً ليُعاقب مُقترفُّه، إنّه شأن القلب الذي بين إصبعين من أصابع الرَّحمن، ولكن للحبِّ آدابه، وللإسلام حرمته؟

‫ ثمَّ إنَّ الحواس بحدّ ذاتها خادعة فيما يمكن لها أن تدركه، ألا ترى أنَّ العين تُريك السَّراب في الصحراء ماءً، فإذا جئته لم تجد شيئاً!

وهذا خبرٌ لا يُدركُ بالعقل، ولا يُثبتُ بالتَّجربة، وإنما يأخذه المؤمن بالتَّسليم، كما أخذ غيره من قبل، فنحن أمّة الغيب!

روى أحمدُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَيْهِ بَرْذَعَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ، فَذَاكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ!

‫ فَقَالَ لِي: يا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغِيبُ هَذِهِ؟

‫ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

‫ قَالَ: فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِئَةٍ، تَنْطَلِقُ حَتَّى تَخِرَّ لِرَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ سَاجِدَةً تَحْتَ الْعَرْشِ، فَإِذَا حَانَ خُرُوجُهَا أَذِنَ اللَّهُ لَهَا فَتَخْرُجُ فَتَطْلُعُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْلِعَهَا مِنْ حَيْثُ تَغْرُبُ حَبَسَهَا!

‫ فَتَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ مَسِيرِي بَعِيدٌ!

‫ فَيَقُولُ لَهَا: اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غِبْتِ، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا!

غيبيات ولا سبيل لإثباتها بالعقل، فالعقل أساساً لا يُدركها، لهذا فإنَّ العقل قد يُحتجُّ به على ما يمكنه إدراكه، أما ما كان فوق طاقته، فليس مضماره، وليس عليه أن يردَّ ما لا يمكنه إدراكه لمجرّد أنه لا يمكنه إدراكه،

إن الحبَّ لم يكن يوماً عيباً يُستر، أو ذنباً ليُعاقب مُقترفُّه، إنّه شأن القلب الذي بين إصبعين من أصابع الرَّحمن، ولكن للحبِّ آدابه، وللإسلام حرمته

إنَّ جوارحه ملكٌ لزينب، وفي غيابها تتعطَّل حواس الحبِّ عنده!

مصعب بن عمير أوَّل سفيرٍ في الإسلام، وأوَّل مُهاجرٍ إلى المدينة المنوَّرة!

❞ على العكس تماماً، فإنَّ في داخله أسدٌ هصورٌ قيَّدته طاعة قائِدِه، ولكن متى ما صارت زمام الأمور إليه انفلت هذا الأسد من قيوده، فسمِع الكون كله زئيرَه، وباللَّحظة التي انتقل فيها النَّبيَّ ﷺ إلى الرَّفيق الأعلى، انفلتَ الأسدُ الهصور الرَّابض ❝

❞ يقول النَّبيُّ ﷺ: ما عرضتُ الإسلام على أحدٍ إلَّا كانتْ له كبوةٌ عدا أبي بكرٍ، فإنَّه لم يتلعثمَّ! ❝

❞ شهادةُ المرءِ في نفسه مجروحة، أمَّا شهادة النَّاس فيه مقبولة، ولكن عندما تكون الشَّهادة من النَّبيِّ ﷺ فهذا أرفع وسامٍ يمكن أن يتقلَّده المرء! ❝

❞ أبو بكر أثبتَ يومَ وفاةِ النَّبيِّ ﷺ أنَّه جبل، ويوم السَّقيفةِ أنَّه حكيم، ويوم الرِّدة أنَّه جنرال، وطوال فترة خلافته كان رجلَ دولةٍ من الطِّرازِ الرَّفيع! ❝

لا حَظَّ للنَّفس عند أبي عبيدة، إنَّه ببساطةٍ يرى الأمر تكليفاً وابتلاءً!

‫ فإن وجد من يحمل عنه هذا الحِمل ألقاه عليه!

لكُلِّ أمَّة أمينٌ، وأمينُ هذه الأمَّة أبو عبيدة!

إنَّها السُّرعة في اتِّخاذ القرار، والجرأة على تنفيذه، هذا هو خالد بن الوليد الذي لم يُهزم قطُّ لا في جاهليةٍ ولا في إسلامٍ!

مدى توافر الحسِّ الأمنيِّ عند عليٍّ، وهذا الحسُّ هو من أهمِّ سمات الفدائيَّة، وقد أحببتُ التَّركيز عليها أوَّلاً حتَّى لا يُفهم خطأً أنَّ الفدائيَّة مرادفة للتَّهوِّر. على العكس تماماً هي الشَّجاعة الفائقة المضبوطة بالحكمة والحسِّ الأمنيِّ، وهذه سمة تأتي بالفطرة وإن كان لا شكَّ أنَّ التدريب يرفعها