اقتباسات من كتاب والذين معه: الصحابة كما لم تعرفهم من قبل

بيت شعر واحدٍ حاز به كعب بن مالك رضى الملك الجبار!

‫ فاعملْ ولا تستصغر، احمِ ثغركَ، ولا يُؤتينَّ الإسلام من قِبلكَ، ففي هذا بإذن الله منجاتك!

غير أنَّ للصَّبر أنواع شتى، منها الصَّبر على القضاء والقدر، فقد يريد العبد أمراً ويريد الله أمراً، والمؤمن الصَّابر يصبر على قدر الله، ويرضى به، وإن خالف هواه!

‫ والصَّبر على الطاعة، وهذا لَعمري من أوسع أبواب الصَّبر، ويكفي دليلاً عليها ما جاء في النَّقل وما نعرفه بالتَّجربة!

أمرٌ أخيرٌ لا يجب تجاهله في الحديث عن حذيفة بن اليمان، وهو أنه قد أُوتِيَ من الفهم ما جعله يدرك أن الخير في هذه الحياة واضح لمن يريده، وإنَّ الشرَّ هو الذي يتنكَّر ويتخفَّى!

كان لبقاً يُراعي الرَّحم، ولكن هذه المراعاة لم تكن على حساب وضوح مواقفه، فهو يهتم بالنَّتيجة لا بالوسيلة!

‫ وعندما أسلم كان أول ما فعله أن حملَ هذا الدِّين إلى قومه الأوس، فنعم السَّيِّد الذي يحملُ الخير إلى قومه!

‫ يُعادي سعد بن معاذ بكلِّه، ويُصالح بكلِّه!

‫ ينفرُ من أمر ما بكلِّ خليَّةِ فيه، ويتبعه بكل خليَّةٍ فيه!

إنَّ المتأمِّل في سيرة أبي هريرة ينتبه إلى أنَّه كان بَرًّا رحيماً!

أخرج البخاري وأحمد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟

‫ فَقَالَ: لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ!

‫ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ!

أخرج البخاري مسلم عَنْ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ، بَطْنِي فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ!

وروى أحمدُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ:

‫ أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ!

‫ وَأَمَرَنِي أَلَّا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا!

‫ وَأَمَرَنِي أَلَّا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ!

شخصيَّة الدَّاعية تنطوي على عدة مقوِّمات أهمُّها:

‫ الصَّبر، وحُسن الأسلوب، والتَّميُّز الإيمانيُّ والتَّفوُّق الرُّوحانيُّ، والزَّاد العلميُّ والثَّقافيُّ والمعرفيُّ، ورجاحةُ العقل وحُسن التَّدبير، ورحابةُ الصَّدر وسعة الخُلق، والجرأة الواعية، والثَّبات الرَّاسخ، والمحبَّة للنَّاس والشَّفقة عليهم!

وفي هذا الموقف من حياة مصعب بن عمير دعوة للآباء والأمَّهات أن يربُّوا أولادهم للحياة، وأنّ الدَّلال الزَّائد لا يصقل الشخصيَّة، وأنَّ الدِّعة والرَّاحة لا تُخرِج لهذه الأمَّة فرسانها، وفرقٌ شاسعٌ بين الحُبِّ الذي لا يجب أن يخلو منه بيتٌ، وبين الدَّلال الزَّائد الذي يُفسد الأجيال!

قال له معاذ: صُمْ وأفطِرْ، وصلِّ ونمْ، واكتسِبْ ولا تأثمْ، ولا تموتنَّ إلَّا وأنت مسلم، وإيَّاك ودعوة المظلوم!

‫ لخصَّ معاذ بن جبل الدُّنيا والآخرة في بضع كلمات، وهبه ربُّه شيئاً من جوامع الكلم الذي وهبه لنبيِّه كلِّه؟

ومن سماتِ الشَّخصيَّة الحازمة أنَّها لا ترضى بالسَّلامة على حساب المبدأ

فليس بين الصِّفتين تناقضٌ ولا تعارض، ولا تنافر أو تضاد، إنَّ القسوة هي التي ضدَّ الرَّحمة، وعمر بن الخطَّاب كان حازماً ولم يكن قاسياً، ولكن لأنَّ الحزم في كثيرٍ من مواقفه يرتدي عباءة القسوة يخلطُ النَّاسُ بينهما!

المرءَ متى أخلصَ النِّية لله، أعطاه الله تعالى فوق ما نوى!

وروى أحمدُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ:

‫ أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ!

‫ وَأَمَرَنِي أَلَّا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا!

‫ وَأَمَرَنِي أَلَّا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ!

‫ وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ!

لينُوا للعصاة، وتحبَّبُوا إليهم!

‫ ما أجمل لينَ سعدٍ وهو يقول لأبي مِحْجَن: إنِّي لأرجو الله ألَّا أجلدك على خمرٍ بعد اليوم أبداً!

‫ فوقع هذا اللِّين في قلب أبي مِحْجَن، وتاب!

‫ النَّاس بحاجةٍ إلى من يأخذ بأيديهم إلى الله!

ولكنَّه الحبُّ الذي يجعل كلّ من على الأرض متشابهين، عدا شخص واحدٌ يعيش في القلب، الحُبُّ الذي يجعلنا لا نرى سواه كأنَّه كلُّ أهل الأرض! يجعل الخيارات الكثيرة خياراً واحداً!

إن الحبَّ لم يكن يوماً عيباً يُستر، أو ذنباً ليُعاقب مُقترفُّه، إنّه شأن القلب الذي بين إصبعين من أصابع الرَّحمن، ولكن للحبِّ آدابه، وللإسلام حرمته؟

‫ ثمَّ إنَّ الحواس بحدّ ذاتها خادعة فيما يمكن لها أن تدركه، ألا ترى أنَّ العين تُريك السَّراب في الصحراء ماءً، فإذا جئته لم تجد شيئاً!

وهذا خبرٌ لا يُدركُ بالعقل، ولا يُثبتُ بالتَّجربة، وإنما يأخذه المؤمن بالتَّسليم، كما أخذ غيره من قبل، فنحن أمّة الغيب!