المؤلفون > فلاديمير بارتول > اقتباسات فلاديمير بارتول

اقتباسات فلاديمير بارتول

اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات فلاديمير بارتول .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.

فلاديمير بارتول

عدل معلومات المؤلف لتغيير تاريخ الميلاد أو البلد

اقتباسات

كن أول من يضيف اقتباس

  • ظللت أنا على رأيي. لكن تلك التجربة، وتجارب أخرى كثيرة، نبهتني وفتحت عيني.

    تعلمت أن الناس غير مبالين وكسالى ولا يستحقون عناء التضحية لأجلهم. لقد ناديتهم ودعوتهم بلا جدوى. أتحسب أن السواد الأعظم من الناس يعبأ بالحقيقة؟ لا، على الإطلاق! إنه يريد دعته وأكاذيب يغذي بها خياله. أم تحسب أنه يهتم بالعدالة؟ إنه يسخر منها شرط أن تسبع مصالحه الشخصية، لم أرغب في أن أتعلل بالوهم أكثر.

    وبما أن البشر هكذا، فلنستغل مواطن ضعفهم لبلوغ هدفنا السامي، الذي يخدم أيضاً مصلحتهم.. لكنهم غير قادرين على الإدراك! في الحقيقة، لقد طرقت باب البلاهة والسذاجة البشرية. راهنت على النزوع للشهوة والرغبات الأنانية للناس.

    وانفتحت الأبواب على مصاريعها أمامي. أصبحت نبياً شعبياً.. وهو نفسه الذي أردت الانضمام تحت لوائه. واليوم، تهرع الحشود إلي. لقد أحرقت جميع سفني: ولذلك علي التقدم إلى الأمام، دائماً إلى الأمام، إلى أن تتقوض السلطنة السلجوقية.. لاريب أنك تجد صعوبة في فهمي؟...

    كان ابن طاهر يصغي إليه محملقاً بعينين غير مصدقتين. كان لا يتوقع أبداً أن يرى الحسن يبرر تصرفاته، على الأقل ألّا يبررها على هذا النحو! لم يكن الحسن قد انتهى بعد...

    ...ولا تحدثني عن الشجاعة المزعومة لأصدقائك الفدائيين! فقد عشت سني عمري الستين أخاطر برأسي على الدوام.

    وصدقني أني لو عرفت أن موتي يمكن أن يخلص عرش إيران المجيد من الطغاة الغرباء لألقيت بنفسي إليه دون انتظار أي فردوس جزاء لي.

    لكني رفضت أيضاً أن أخدع نفسي: فأنا أعلم أنه إن أطيح بأحد الطعاة، فسيحل آخر محله. في الواقع، لم يكن موتي في ذلك الوقت ليفيد أحداً.

    فكان علي أن أتخذ منحى آخر وذلك بأن أعثر على عزائم قادرة على التضحيات الجسام..

    لأجني أنا نفسي ثمار إخلاصها. كان علي اختيار أذرع قادرة على تسديد الضربات بدلاً عني إلى الهامات الرفيعة المقام.

    لكن ما من أحد أراد ذلك طوعاً. وما من أحد كان يعي واجبه أو فيه من الإباء ما يكفي للتضحيات بحياته في سبيل غايات سامية.

    حينئذ لجأت إلى طريقة أخرى. تلك الطريقة.. أنت تعرفها: إنها الجنة المصطنعة التي اختلقتها في الجانب الآخر من تلك الصخور، مجدداً حدائق ملوك الديلم، كما أسميتها أنت منذ قليل.

    أين يبدأ الوهم في الحياة، وأين تنتهي الحقيقة؟ إنه أمر يصعب قوله. لازلت صغيراً لتفهم ذلك. لكن لو كنت في عمري! لأدركت أن جنة كل إنسان ليست سوى سراب رغبة خالصة. والمباهج التي يشعر بها في تلك الجنة هي بالنسبة إليه مباهج حقيقية، لايرغب بأكثر منها. ولو أنك لم تدرك حيلتي، لكنت مت سعيداً، تحمل اليقين ذاته الذي مات وهو يحمله سليمان ويوسف.

    هز ابن طاهر رأسه مذهولاً:

    إذا صدقتك، فهذا يعني أن المعرفة ستكون للإنسان هدية مرعبة..

    أتعرف ماهو جدار الأعراف؟

    إن لك أسباباً وجيهة لتعلم أني أعرفه، ياسيدنا. إنه الجدار الذي يفصل الجنة عن النار.

    حسناً. قيل إن هذا الحائط أعد لاستقبال أولئك الذين ماتوا في سبيل قضية عظيمة، ولكن ضد إرادة الوالدين. إنهم لايستطيعون دخول الجنة، وهم لايستحقون جهنم.

    نصيبهم أن يتأملوا من فوق كلا الجانبين. ذلك ليعلموا! أجل، إن الأعراف هي تشبيه لموقف جميع أولئك الذين تفتحت أعينهم ولديهم الشجاعة ليطبقوا سلوكهم على ما يعرفون! انظر! عندما آمنت، كنتَ في السماء! والأن وأنت تدرك، وأنت تشك، ها أنت في الجحيم! وعلى سور الأعراف، لامكان للفرح ولا لخيبة الأمل.

    الأعراف هي المكان الذي يتساوى فيه الخير مع الشر.

    والطريق المؤدي إليها طويل ووعر. وقلائل هم الذين أتيح لهم استشفافه.

    وأقل منهم الذين، وقد استشفوه، وتجرؤوا على المتابعة حتى نهاية الطريق.

    لأن الذين يجدون أنفسهم فوق هم وحيدون، منفصلون إلى الأبد عن نظرائهم.

    وليبقوا على ذلك الارتفاع، عليهم أن يقسّوا قلوبهم..

    أتفهمني الأن؟

    تنهد ابن طاهر وقال:

    هذا كله فظيع

    ما الذي يبدو لك شديد الفظاعة؟

    أن تكون المعرفة هكذا.. وأن تأتي متأخرة جداً. إذا صدقتك أستطيع الآن أن أبدأ حياتي..

    غمره الحسن بنظرة متوقدة. واستنار وجهه. ومع ذلك فإن ريبة خفيفة أرعشت صوته حينما جازف بهذا السؤال:

    وماذا ستفعل اعتباراً من هذ اللحظة إن كان عليك أن "تبدأ" حياتك؟

    سأحاول أولاً أن "أعرف".. وسأبدأ بقراءة ما استطاعت عقول الماضي العظيمة أن تعرفه قلبي.

    أريد أن أدرس جميع العلوم، وأن أتعمق في أسرار الكون والطبيعة. سأزور المدارس الشهيرة، وسأنقلب في المكتبات..

    ابتسم الحسن.

    والحب؟ أنسيته؟

    تجهم وجه ابن طاهر.

    سأتجنب هذا الشر. فالمرأة لاذمة لها.

    عجباً، عجباً! ومن أين أتتك هذه المعرفة العميقة؟

    إنك تعرف كما أعرف من أين أتتني.

    أتقصد مريم؟ اعلم أنها التمست الرحمة لك طويلاً. لكم جميعاً!

    واليوم قضت نحبها. لقد قطعت شرايينها: فولت حياتها ودمها معاً..

    أخذ ابن طاهر يرتعش: وفجأة اعتصر الحزن قلبه مجدداً.. أجل إنه لازال يحبها!

    ذلك الذي يريد تسوّر الأعراف عليه أن يكون حراً أيضاً عند الحب.

    بوسعي أن أفهم.. حتى هذا!

    ما رأيك فيّ الأن؟

    ابتسم ابن طاهر.

    أصبت أكثر قرباً إلي.. قرباً مفزعاً.

    أتفهم الآن ماذا يعني الطواف في أرجاء العالم خلال أربعين سنة وفي القلب مشروع عظيم؟ وهل تفهم أيضاً ماذا يعني البحث خلال عشرين سنة عن إمكانية تحيقيق حلم كبير؟ حلم و مشروع كهذين هما مثل أمر صادر عن قائد خفي. إن الناس الذين يحيطون بك يشبهون آنذاك جيشاً عدواً يحاصر قلعة. ويجب الخروج حياً من أسوارها إن أريد تفحيم هذا الأمر وسط الجنود الأعداء. يجب أن يكون المرء شجاعاً، لكن عليه أن ينقذ رأسه أيضاً. عليه أن يكون جسوراً لكن حذراً في نفس الوقت... أتتبين ذلك بوضوح؟

    لكني أرى أنك تود فتح أعين الذين يصغون إليك....

    ألا زلت تعتقد أني مجرم بغيض؟

    تعلم جيداً أن هذه الكلمة لم يعد لها معنى الآ،.

    هل ستكون لديك الشجاعة للصعود إلى الأعراف؟

    لقد استطعت أن ترسخ فيّ هذا الهوى حتى وأنا عاجز عن فعل أي شيء...

    مشى الحسن نحوه وقطع وثاقه.

    انهض، إنك حر.

    حملق ابن طاهر وتلعثم قائلاً:

    ماذا تقصد؟ أنا لا أفهم.

    أنت حر!

    كيف، حر؟ أنا؟ أنسيت أني جئت لقتلك؟

    إن ابن طاهر قد مات. واليوم بوسعك أن تحمل من جديد اسمك الحقيقي: عوني. لقد بدأت تسلق الأعراف. والذئاب لا تأكل بعضها.

    أخذ ابن طاهر ينتحب. وارتمى على قدميه.

    اغفر لي! اغفر لي!..

    ارحل بعيداً عن هنا، يا بني. تعلم وتحرّ المعرفة. ولاتتراجع أمام شيء. ارفض كل حكم مسبق. ولاتنظر لشيء على انه رفيع رفعة عظيمة ولا على أنه منحط انحطاطاً ذميماً. انهمك بكليتك في كل شيء. كن شجاعاً. وعندما ترى أن العالم لم يعد بمقدوره أن يقدم لك شيئاً جديداً. ارجع آنذاك. ربما أكون ميتاً. لكن المخلصين لي باقون.

    ستكون موضع ترحيب، سأحرص على ذلك. وفي تلك الساعة من حياتك ستكون فوق سور الأعراف....

    أخذ ابن طاهر يقبل يده باهتياج. أنهضه الحسن ونظر طويلاً في أعماق عينيه. ثم عانقه وقبله مخفياً دموعه.

    بني... قال متلعثماً. إن قلبي العجوز قد جعل فرحه فيك. سأعطيك مالاً. وسأحرص على أن تأخذ كل ما ترغب...

    كان ابن طاهر قد أسقط في يده.

    هل بإبمكاني أن أتأمل حدائقك ثانية؟

    تعال معي إلى أعلى هذا البرج.

    صعدا إلى السطح, كانت روعة البستان الرحب منبسطة تحت أقدامهما. تنهد ابن طاهر. لقد زالت العقبة الأخيرة من أعماقه. وضع رأسه على الحاجز وشرع ينتحب دون تحفظ..

    عاد الاثنان إلى حيث كانا، وأعطى الحسن أوامره اللازمة. جمع الفتى حوائجه ولم ينس أشعاره: فهذه الذكريات غالية عليه أكثر من نفسه، غادر القصر مسلحاً، ومزوداً بالمال ومعه حمار حُمل بمتاع هائل.

    كانت الشمس تغمره بأشعتها. وعيناه تنظران إلى كل ما يحيط به نظرات دهشة. كأن العالم اتخذ ألواناً جديدة! شعر أنه يراه للمرة الأولى.

    أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة. لقد مات ابن طاهر الفدائي. وها هو عوني الفيلسوف ينطلق في طريق طويل...

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • حقأً، إن الإنسان أكثر المخلوقات غرابة.

    يريد أن يحلق كنسر، لكنه لايملك أجنحة.

    يريد قوة الأسد، لكن لابراثن لديه.

    ياللنقص الذي خلقته فيه يارب! ولتعاقبه وهبته أيضاً العقل والقدرة على إدراك بؤسه...

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • نحن لا نعلم شيئاً علم اليقين.

    إن النجوم فوق رؤوسنا صامتات.

    نتضاءل أمام فرضيات ونستسلم لأوهام.

    إنه مخيف ذاك الإله الذي يسيرنا!.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • يتحتم على الرجل تجاه نفسه إنجاز العمل الذي التزم به.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • هل الفرح الذي تبعثه ألعاب مبرقشة في نفس طفل هو فرح حقيقي؟

    واضح أن الفرح الكبير الذي يشعر به طفل تُقدم له لعبة جذابة هو بمقدار السرور الذي يحسه إنسان بالغ يعد نقوده أو يلاطف امرأة.

    ويُعتبر الفرح من وجهة نظر إنسان يشعر به فرحاً صادقاً وحقيقياً.

    وكل امرئ يكون سعيداً حسب طريقته. وبناء على ذلك، فإن من يعني له الموت السعادة سيصيب من السرور في اندفاعه للموت المقدار نفسه الذي سيصيبه آخر في كنزه للمال أو في إغوائه شابة فاتنة.

    ثم إننا نعرف أخيراً أن الحسرات بعد الموت لا تجدي نفعاً.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • إن نصراً حقيقياً يستلزم عدواً خطيراً.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • الحياة.. يالها من أمر فظيع! إن الرجل الذي ينظر إليه أتباعه على أنه ولي، يكون في الحقيقة شر الدجالين.

    يلعب فرحاً بحياة الناس مثل طفل يلعب بحصاه.

    يستغل ثقتهم.

    يرضى مطمئناً أن ينظر إليه على أنه نبي، وأنه مبعوث من الله... هل هذا ممكن؟

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • كان يعلم جيداً أن العامة لا تؤمن بالخرافات وحسب، وإنما تستمتع بالتأكيد بسماعها أحاديث عن صنّاع المعجزات وتستقبلها بكل سرور.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • حين تبدأ امرأة في التفكير، فإنها تصبح خطرة.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • لقد أدركت بعد سوات طويلة كم يحزّ في نفس امرأة أن تعيش في جوار رجل أحبها في السابق حباً مضطرماً واليوم لايعبأ بها إلا قليلاً، حتى أنه لا يحاول ان يواري عنها ولعه بأخرى.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • هل بدأتما تفهمان إذن؟ نحن نعلم أننا لسنا أسياداً إلا على نقطة متناهية الصغر من تلك الحقيقة المشهودة، وأننا عبيد الكتلة اللامتناهية من المجهول.

    أستطيع أن نقارن أنفسنا بحشرة أبصرت يوماً السماء فوقها، فقالت في نفسها "سأتسلق هذ الجذع. يبدو أنه من العلو بحيث يوصلني إلى هدفي!"

    بدأت التسلق في الصباح إلى أن حل المساء.

    ولما بلغت نهاية الجذع، أدركت أن جهدها كان بلا طائل.

    فالأرض على بعد خطوات أسفل منها؛ والسماء المرصعة بالنجوم فوقها ما تزال بعيدة المنال.

    والفارق الوحيد أنها لم تعد تبصر أي طريق يقودها إلى الأعلى. لقد خسرت إيمانها: فقد أدركت أن ما من شيء يقارن بامتداد الكون الشاسع. كما وحرمت على الدوام من الهناء والأمل.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • في الأمس، يامريم، كنت أعمى وقلبي يجعل محط رغباته وعقلي تائه في أفكاره.

    واليوم انجلى كل شيء أمامي، عثر فلبي على السلام، وانطلق عقلي، إنها سعادة لاحدود لها، سمت بكياني حينما أردت مريم أن أغرق في عينيك!

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • لقد كنت عظيماً يا بروتاغوراس، حين قلت تلك الحكمة بأن الإنسان مقياس كل الأشياء! ماذا كان بوسعنا أن نتصرف في نهاية الأمر إلا أن نتلاءم مع هذه الحكمة ذات النتيجتين المتعاكستين؟ نرتب بما يناسب مخيلتنا، هذه الكرة الصغيرة من الطين والماء التي نعيش فوقها ونترك الأجزاء المجهولة من الكون للعقول الخالصة.

    هذا الكوكب الصغير الهزيل هو مجال نشاطنا، وهو المكان المناسب لعقلنا وإرادتنا. "الإنسان هو مقياس كل الأشياء!".

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • وافقه الحسن وهو يتكئ على الحاجز وأشار بيده إلى زاوية في السماء مظلمة وقد تناثرت فيها ألاف الومضات المرتعشة.

    انظرا إلى هذه القبة السماوية اللامتناهية!

    من يستطيع أن يعد النجوم المبعثرة فيها؟ لقد أكد أرسطوطاليس أنها كانت شموساً. أي عقل بشري يمكنه فهم ذلك؟ ومع هذا فكل شيء في هذا الكون منظم حسب غاية وكما لو أن إرادة ما توجهه. وسيّان إن كانت تلك الإرادة إرادة اله أو عمل أعمى للطبيعة.

    وبالمقارنة مع هذا الكون الشاسع، فنحن كائنات مضحكة ومثيرة للشفقة.

    لقد كنت في العاشرة من عمري حينما تأكدت وللمرة الأولى من ضآلتي تجاه هذا العالم الرحب. ومن ذلك اليوم كم من عذاب لاقيته، وكم من أمور تغيرت!

    ولّى إيماني الأعمى، واهتزت ثقتي بكل شيء، كما ولى انبهاري بالحب الأول. ولم تعد زهور الياسمين تبعث في أنفي ذلك العطر الليلي الذي اسكرني في الماضي، حتى أزهار التوليب لم تعد ألوانها مفعمة بالحياة.

    أمران فقط لم يتغيرا في نفسي: الدهشة أمام مساحة الكون الشاسعة، والخشية التي تثيرها الظواهر السماوية الغامضة.

    إن احساسي بأن أرضنا ما هي إلا ذرة غبار في الفضاء، وأننا لسنا فيه سوى جرب صغير، أو تشكيلة تافهة من القمل، قد ملأني باليأس على الدوام.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • لم العقول الفوقية هي التي تبحث جاهدة عن سر الظواهر الطبيعية، لم الحكماء هم الذين يعكفون بشغف على العلم ويندفعون لاكتشاف الكون؟ ونِعمَ ما قاله أبيقراط بأن الحكيم سينال السعادة الكاملة إن لم يقلقه الخوف من الظواهر السماوية المجهولة ولغز الموت أيضاً.

    لكن معرفة ذلك لاتفيد في شيء: فهذا الخوف لايمكن إنكاره؛ إنما يمكن على الأغلب، وفي أفضل الحالات، أن نحاول تفسيره _أي نتجاوزه بطريقة ما_ وذلك بالتكرس للعلم ولدراسة الطبيعة.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • ليست الأشياء بحد ذاتها هي التي تجعلنا سعداء أو تعساء، فكر الحسن بصوت عال، في حين كان صديقاه يراقبانه، وقد تمددا على أرائكهما..

    إنما الفكرة التي نكونها عنها، وضروب اليقين الزائفة التي نعتقد بها.

    إن البخيل يخبئ كنزه في موضع يجهله الجميع: يتظاهر بالفقر علانية ويستمتع سراً بغنى يعرفه وحده.

    ثم يكتشف أحد جيرانه المخبأ ويأخذ الكنز..

    فهل ذلك سيمنع الشحيح من التمتع بغناه، ما دام لم يدر بالسرقة؟

    ثم إن فاجأه الموت قبل أن يدري بمصيبته، فسيلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يشعر بالسعادة لامتلاكه العالم!

    والحال ذاته بالنسبة للرجل الذي لايعلم أن صاحبته تخونه.

    فإن لم يكتشف ذلك، فسيتابع برفقتها تذوق اللحظات الساحرة.

    ولنفرض أن زوجته الغالية كانت الإخلاص بعينه، لكن شفتين كاذبتين تتمكنان من اقناعه بعكس ذلك.. لامحالة آنئذ سيرزح تحت عذابات الجحيم.

    إذن لا الأشياء ولا الوقائع الحقيقية هي التي تفصل بين سعادتنا وتعاستنا، إنما هي التصورات التي يقدمها لنا وعينا المتأرجح وحسب.

    وكل يوم نتبين إلى أي حد تلك التصورات كاذبة وخادعة، إن سعادتنا لاترتكز على شيء راسخ.

    وكم لنا من شكاوى لامبرر لها غالباً!

    وأين الغرابة في ألا يكترث الحكيم بالسعادة أو الشكوى.. وأن يكون الأجلاف والحمقى وحدهم من يمكنهم التمتع بالسعادة!

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • إن الخالق، ربما لرحمته بنا، أخفى علينا مستقبلنا ويوم مماتنا. وأنا لم أشأ أن أفعل شيئاً أخر.

    أي كتب أن حياتنا على هذه الأرض أفضل بكثير من وهم! إن وعينا وحده يفصل بين ما هو حقيقي وما هو مجرد حلم.

    فإن اقتنع فدائيونا عند استيقاظهم بأنهم ذهبوا إلى الجنة، فهم قد ذهبوا إليها فعلاً!

    إذ بين الجنة الحقيقية والمزيفة، لايوجد أي اختلاف. فحيثما نعتقد بوجودنا في مكان ما، فنحن فيه حقاً.

    ألن يكون نعيمهم، وملذاتهم وسرورهم نفسه إن هم ذهبوا فعلاً إلى جنان الله؟ إن أبيقور علَم بحكمته أن الهدف الأوحد للحياه هو الهروب من المعاناة والآلام، وذلك بالسعي قدر المستطاع نحو اللذة والرفاهية الشخصية.

    من من البشر سيكون له نصير أكبر من سعادة أولئك الفدائيين الذين جعلناهم في الجنان! في الحقيقةّ إني لأعطي كل ما أملك لأكون مكانهم! آه! لو أني استطعت أن قنع نفسي أنا أيضاً، ولو لمرة واحدة، بحقيقة الخيرات المتوافرة في هذه الجنينة... وأتمتع بها!

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • انظرا، حينما يعترف المرء حقاً، كما فعلت أنا، بأن ليس بوسعه الوثوق بشيء مما يراه حوله، ومما يدركه، حينما يستشف وعيه أنه محاط من جميع الجهات بالشكوك والظلمات، وبأنه دوماً ضحية أوهام، حينذاك لايعود يعتبر تلك الأوهام شراً، وإنما ضرورة في الحياة، ضرورة عليه عاجلاً أم آجلاً أن يتأقلم معها.

    إن الوهم، عنصر ككل كائن حي، وعامل اللذة، وباعث من بين بواعث كثيرة وراء كل عمل وكل تقدم...

    تلك هي برأيي وجهة النظر الوحيدة الممكنة بالنسبة لأولئك الذين بلغوا مستوى عالياً من المعرفة.

    لقد رأى هيراقليطس في الكون كومة فوضوية ينظمها الزمن، الذي هو، برأيه، أشبه بطفل يلعب بحصى متعددة الألوان، يجمعها ويبعثرها على هواه.

    يا للمقارنة المرهفة! هذا الشغف البناء المبدع ألا يختلط بإرادة غير مفهومة تدير العوالم؟ تدعوهم للحياة ثم تفنيهم؟ لكن في حيز الزمان الموجودة فيه تلك العوالم فريدة وكاملة، وتتقوض وفق قوانين خاصة بها.

    ونحن أيضاً، نعيش في عالم مشابه. نخضع للقوانن التي تحكمه.

    ونحن جزء منه ولانستطيع الخروج منه. وبإمكاننا على الأرجح أن نؤكد أن الضلال والوهم في هذا العالم هما المحركان الأساسيان...

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • كم هي ضئيلة جداً مصداقية معارفنا، ما دامت حواسنا التي هي مصدر تلك المعارف كاذبة!

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"

  • الناس بحسب استعدادهم للمعرفة، يتبوؤون مرتبة في هذا العالم، والرجل الذي يريد أن يقودهم عليه أن يحسب حساب تنوع كفاءاتهم.

    فالكثرة من الناس في الماضي، كانت تطالب بأن يأتي الأنبياء بالمعجزات.

    فكان يتحتم على الأنبياء ذلك إن هم أرادوا المحافظة على تأثيرهم..

    كلما كان مستوى وعي جماعة ما منخفضاً، كلما كان الحماس الذي يحركها أشد و أعنف.

    ولهذا قسمت البشر إلى معسكرين متباينين.

    ففي الجانب الأول تقف حفنة من أولئك الذين يعرفون ما الذي يحدث، وفي الجانب الأخر هنالك حشد هائل من أولئك الذين لايعرفون شيئاً.

    الأولون مهمتهم القيادة، والآخرون عليهم الانقياد.

    الأولون بمثابة الأهل، والآخرون يمدون أيديهم نحوها.

    فماذا يتبقى آنذاك أمام أولئك الأولين.. غير أن يقدموا لهؤلاء الآخرين الأساطير والترهات، والكذب والدجل؟ فليكن.

    ومع ذلك فالشفقة وحدها هي التي تدفعهم لذلك. ولا أهمية للقصد، بما أن الخداع والمكر هما في جميع الأحوال لاغنى عنهما لمن يريد الأخذ بيد جموع الناس نحو هدف واضح أمام عينيه تعجز الجموع عن فهمه.

    مشاركة من abd rsh ، من كتاب

    قلعة النسور "آلموت"