رواية لم أجد فيها ما يبرر وجودها أصلًا، لا كعمل مستقل، ولا كجزء من مشروع كاتب له أعمال أهم وأقوى.
شخصيتا بدر وعجيبة – المفترض أنهما العمود الفقري للرواية – تفتقدان لأي عمق إنساني أو نفسي.
لا تطور، لا تناقض، لا اضطراب فكري أو فلسفي، ولا حتى عاطفة واضحة وقوية يمكن التعلق بها أو النفور منها. شخصيتان مسطحتان تمشيان عبر الصفحات بلا أثر، وكأنهما أدوات لنقل الأحداث لا بشرًا من لحم ودم.
أما باقي الشخصيات، فهي مجرد كومبارسات: أسماء تمر، تظهر وتختفي، دون تاريخ أو ملامح أو دور حقيقي. وجودهم أو غيابهم لا يصنع فرقًا، ولا يضيف شيئًا للبناء الدرامي أو الإنساني.
الأحداث، وإن بدت مترابطة شكليًا، إلا أنها قابلة للحذف بنسبة كبيرة دون أن يتأثر البناء العام للرواية.
لا توجد عقدة حقيقية، ولا ذروة، ولا تحول درامي، ولا حتى قصة مركزية واحدة تخلق شغف المتابعة أو الإحساس بالرهان. نقرأ، لكننا لا ننتظر شيئًا.
القضية الرئيسية، تهجير أهل النوبة، وهي قضية إنسانية وتاريخية شديدة القوة، تاهت وسط قصص جانبية باهتة لا علاقة حقيقية لها بها. لم تُوظف دراميًا، ولم تصبح محركًا للشخصيات أو للأحداث، بل حضرت حضورًا خجولًا في خلفية الخلفية، وكأن الكاتب يخشى الاقتراب منها أو لا يعرف كيف يمنحها وزنها المستحق.
الأحداث التاريخية والسياسية جاءت بدورها باهتة، أقرب إلى كليشيهات محفوظة، بلا معالجة فنية أو رؤية خاصة.
حتى المدن المحورية في الرواية – القاهرة، الإسكندرية، جنيف – لم تُرسم، ولم تتجسد، ولم تترك أثرًا. هي مجرد أسماء أماكن، لا فرق بينها في الإحساس أو التأثير، وكأن الرواية كان يمكن أن تدور في أي مكان آخر بلا خسارة.
يُضاف إلى ذلك كثرة الصدف السردية، والمهن غير المنطقية التي عمل بها عجيبة، وقرارات وتصرفات لا تتناسب مع تربية الشخصيات ولا ثقافتها ولا بيئتها الاجتماعية. كل ذلك يعمّق الإحساس بأن الشخصيات مكتوبة من الخارج، لا نابعة من داخل عالمها.
م الأخر:
نحن أمام عمل يعاني من ضعف في الكتابة، وفقر في الشخصيات، وهشاشة في البناء الدرامي.
ليست المشكلة في الهدوء أو غياب الإثارة، بل في غياب الجوهر.
كتابة كان يمكن أن تُقبل من كاتب مبتدئ،
لكنها لا تليق باسم كاتب مهم مثل أشرف عشماوي.

