الرواية التي جذبني عنوانها قبل اسم كاتبها
اسم الرواية: خضراء كالليمون
اسم الكاتب: سلمى سامح شمس الدين
دار النشر: بيت الياسمين للنشر والتوزيع
يسود الاعتقاد لدى كثير من الناس بأن نقل الأعضاء البشرية من شخص إلى آخر يُمكن أن يؤدي إلى تغيير في العادات والسلوكيات والرغبات، بل يذهب البعض إلى القول بأن زراعة القلب تؤدي بالشخص إلى أن تتغير ميوله العاطفية وقد يحب أشخاصاً لم يكن يميل إليهم من قبل كما قد يكره أشياء كان في السابق يحبها.
و العلم لم يحسم الجدل حول انتقال المشاعر والذكريات والعادات والصفات في حالة زراعة الأعضاء، وقد استغلت السينما تلك المنطقة الرمادية الثرية ونسجت من الخيال أعمالاً شديدة الجاذبية والسحر مثل أفلام، the eye ،the heart knows ، I want to believe ، 21 grams، the criminal، self/less.
وعلى خطى تلك الأعمال الإبداعية ، جاءت هذه الرواية، التي كتبت بقلم مبدع وخيال خصب، وأسلوب سردي سلس.
فقد اختارت الكاتبة سلمى سامح شمس الدين، موضوعا لم يتطرق له أحد في الرواية العربيةعلى قدر علمي.
تتناول الرواية حكاية ( جميلة ) التي تصاب في حادث، ويتم زراعة قلب لها ، وتسقط في غيبوبة دامت عامًا كاملًا، تستيقظ لتجد أن قلبها معلق برجل لا تعرف عنه شيئًا سوى عينين خضراوين بلون الليمون. كان يطاردها في أحلامها، طوال فترة غيبوبتها، يشبه طيفًا من الخيال، وبعد أن أفاقت، تبــــدأ رحلتها المحمومـــــــة في البحث عنــــه.
( غنى عن القول أني تجنبت استعراض تفاصيل الرواية، حفاظا على متعة التشويق التي هي من حق القراء).
- عنوان الرواية هو أول ماتقع عليه عين القارىء وهو العتبة الأولى بحسب تعبير الناقد الأدبي الفرنسي جيرار جينيت وهو دليل القارئ إلى النص، وله أهمية كبيرة في تشكيل الخطاب الروائي، خاصة أنه يشكل الرسالة التي يسعى المؤلف لنقلها إلى القارئ، ومن ثم فلابد أن تتوافر فيه شحنات دلالية مكثفة، تجعله قادرا على حمل الرسائل الكامنة في النص.
وقد جاء عنوان الرواية " خضراء كالليمون" ساحرا وجاذبا ومبدعا، وغامضا مبهما في الوقت ذاته،يجعل عقل القارئ مسكونا بالأسئلة ،فما الذي يقصده الكاتب، وهل هذا العنوان محمول على وجه الحقيقة،أم على وجه المجاز.
- الرواية الجيدة تبدأ بجملة جاذبة. حقاً ان الجملة الأولى لها الدور الحسم، فهي التي تحدّد في المقام الأول قيمة العمل وصوته ككل
( حاولت أن أفتح عيني بصعوبة، لكني لم أستطع) ، بدأت الكاتبة روايتها بتلك الجملة، فكانت كما قال أهل البيان، من البلاغة حسن الابتداء، ويسمى براعة المطلع.
فهي تدعو القارىء لاستكشاف سبب عدم الاستطاعة، ومن هي المتحدثة، شخصية مبهمة غامضة، والنفس يجذبها الغموض ويشدها حب المعرفة.
- استعملت الكاتبة (ضمير المتكلم ) في السرد لتترك لشخصية الراوي الواعي وهو الشخصية المحورية ان تنضو الحجب عن جوهرها ، بواسطة البوح والاعتراف والمنولوج الذاتي ، وتداعي الأفكار.ليقرّب الإحساس بالأحداث.
- تميزت الرواية بأسلوب سردي سلس. واستخدمت الكاتبة لغة قريبة من القارئ لكنها مشحونة بالعاطفة والمشاعر .
لكن كأي عمل إبداعي لا مناص من ان يشوب النص بعض ما أعتبره هفوات وأخطاء عابرة لا تنقص من قيمة النص مثل:
-(أدركت أن محاولاتي في الهروب وطمث ما حدث لم تحقق نجاحا) الصواب وطمس ماحدث.
-الحالة التي بدت عليها ( جميلة) حال استيقاظها من الغيبوبة ، لا تتناسب مع خطورة حالتها ( حادثة كبيرة - غيبوبة لمدة عام- زراعة قلب)
-(لم ينظفوا المنزل كثيرا) الأفضل جيدا بدلا من كثيرا
-كان حبي لك يزداد قوة يوما عن يوم - يوما بعد يوم
قامت الكاتبة بنحت مجموعة من التشبيهات البلاغية لم أستسغ بعضها وقد يقبلها الآخرون:
- شفتاي جافتان تماما، راسي مربوط، والصداع يأكلني كما لو أنه يتناول فطوره
- وضعفي التافه يرقدان هناك كطفل رضيع لا يفعل شيىء سوى البكاء
- أشعر أني فارغة بدونك كقطعة من الدوناتس
- اشتهيك كما يشتهي مريض السكر الشوكولاتة
- انطفأت فجأة كمصباح في قرية نائية
تكرار استخدام التعبير تبا ( تبا يا أبي-تبا خطي رائع - تبا له- تبا).
-التسلسل الزمني يحتاج مراجعة :فقد ورد في فقرة واحدة :
تمنى لي الشفاء العاجل والتام قريبا، شكرته انا وامي ثم رحلنا الى المنزل -وفي الصباح، لم انج من جسدي -دلفت الى فراشي عندما وصلنا الى المنزل
-(وفي طريق العودة كان يضع رأسه على قدمي ويغفو - واضعا رأسه على قدمي) الأصوب استبدال كلمة ساقي أو فخذي بدلا من قدمي.
وختاما:
خضراء كالليمون رواية ماتعة ونص بديع، لروائية قادمة تمتلك ناصية القلم،ومفاتيح اللغة، فنسجت هذه الرواية بمهارة ومقدرة، رواية حميمية شاعرية.
وأنا أرشحها لك لقراءتها، لتتعرف عليها عن كثب، وتستكشف ماتحمله من قيمة روائية

