اسم الرواية/سقطت سهوا في هواك
الكاتبة / شرين شحاته
الارواح المعذبة اما ان الاوان لها ان تستريح
عن الارواح المعذبة والنفوس المقيدة والقلوب المنكسرة والعقول الحائرة
عن الجنة التي قد ندمرها بأيدينا ونحولها الي جحيم ونحن نعتقد اننا نسعي الي السعادة
هل تخيل احد ان تنقلب حياته راس علي عقب وان يحرم من مباهج الدنيا والونس والسعادة والدفيء فتهوي به الدنيا الي القاع الجحيم فكلنا اذا ما اتته مثل تلك الافكار استعاذ بالله منها وحمده علي نعمه
ولكن ماذا اذا كنا نحن السبب في تحقيق مخاوفنا تلك ونحن نظن اننا نسعي الي اقتناص السعادة الزائفة فنجد اننا قد قلبنا حياتنا حجيم
بأسلوب رائع وبلغة شاعرية وباسلوب الراوي الذي طغي عليه المنلوج
تاخذنا الكاتبة الي عالمها الساحر الذي ما ان ندخله لا ننتهي منه فعالم شرين شحاته لا ينتهي بانتهاء كلمات الرواية بل يظل حي في داخلنا
ففي احداث الرواية والتي هي اقرب الي معزوفة رومنسية حالمة تتشابك مع الواقع تبداء الرواية وتنتهي بشخصيتها مي والتي هي اقرب للشخصيات الاسطورية وحكايتها مع ابيها ملهمها وحبيبها وقدوتها وعالمها كله وهو ايضا سبب مأساتها فالاب هنا ليس الاب بالمفهوم التقليدي ولكنه هو كل شئ لها وهو العالم وما فيه هو من سطر اول الكلمات في حياتها وصانع ذكرياتها وهو الركن الشديد في كيانها وهو ايضا الذي يقرر فجاه بدون مقدمات ان يزلزل حياتها ويهدم معبدها ويلقي بها في العراء لتاكلها اعين الناس وتجرحها الستنهم فعندما يقرر الاب الهجر للزوجه المحبه والبنات التي يدورون في فلكه فتنقلب حياتهم الي حجيم
يهرب الاب ليبحث عن سعادة زائفه او حب ضائع اي محاولة في احياء ما قد تم قتله وهو يظن انه سوف يجد كل ذلك مع نورا الزوجة الجديدة ويضحي بحياة ملئية بالسعادة الحقيقية فهناك نوع من البشر اعتاد النعم حتي فقد الاحساس بها
وبهروب الاب تموت الأرواح ويتحول الدفيء الي صقيع وتنكسر القلوب قبل النفوس وتذبل الأجساد بعد ان كانت هناك حياة وذكريات وافراح وامان وطمأنينة ينقلب الحال بهم وتصبح نظرات الناس وهمسهم سهام قاتله مصوبه الي قلوبهم
وفي تلك المأساة لم تجد مي متنفس الا الحديث مع مراد عبر سكبة الانترنت وتهرب من نفسها بالحديث معه وتعتقد ان خلاصها من هذا العذاب سوف يكون علي يديه وتتحقق ما تتمناه مي ولكن بصورة ماساوية فتقتل علي يديه وهي ذاهبة الي لقائه فيصدمها بسيارته ويتركها لتموت
تنهار الام والاخت بموت مي ويزداد حزن الام والتي كانت تعتقد انه لاشئ مؤلم اكثر من خسارتها لزوجها محمود لتجد نفسها وجها لوجه مع فقدها لبنتها مي والتي خطفها الموت ولن تراها مرة اخري
وهنا يظهر الاب الذي يضنيه الشوق الي ابنته ويعود لكي يراهم ويطمئن عليهم ويستجدي الذكريات حتي انه يتمني ان يري عم علي بائع العرقسوس
يعلم انه لا شئ يساوي حرمانه منهم ليكتشف انها قد ماتت فلا يصدق ما يسمعه من جاره لينهال عليه باللكمات وهو لا يصدق ويصاب بالانهيار ويتمني لو يعود الي جنته التي هرب منها ولكنه يجدها خاوية علي عروشها
تتوالي الاحداث لنجد ان مراد قد اصابة الانهيار العصبي بعد الحادث ويساعده اخاه في ان يرجع الي حياته مره اخري واثناء ما كان يهرب من نفسه في نزهته علي البحر تنقذ فتاة من الغرق وتزوج بها بعد ذلك وهي سلمي وينجب منها طفلته مليكه الا انه يعيش حياة خاوية من الحياة نفسها الا ان يتعرض لحادث اخر في نفس المكان الذي ماتت فيه مي وهنا يقرر ان يسترجع حياته ويتمتع بما فيها من زوجة وابنه يهب لهم نفسه لإسعادهم ويقرر مساعدة روح اخية ممدوح المعذبة ايضا في ان يستعيد بيته وابنه المريض وان يساعده في ان يتحمل مسؤولية ابنه ادهم ولا يترك زوجته وحيدة لتواجه مصيرها وابنه المريض وحدهم وبذلك يلم شمل العائلة مرة اخري
ونعود الي رنا الأخت الصغري لمي والتي نعلم انها نجحت بمجموع كبير يؤهلها لدخول كلية الطب لكي تعوض أمها عما تكبدته في حياتها وتبتسم لها الدنيا بعد ان انهكتهم من الفقد والاحزان
ونورا زوجة الاب لازالت روحها معذبه لا راحة لها وكذلك محمود الاب الذي يهيم علي وجهه يريد ان يسترد جزء من سعادته في ان يسترجع زوجته وابنته رنا ولكن ليس لجميع الارواح ان تسرتيح
حقيقي الرواية رائعة وقلم شرين هو اقرب لريشة فنان ترسم الاحداث وعبقرتيها في تناول التفاصيل الصغيرة والتي تنسج منها اللوحة الكبيرة
وصف الكاتبة لذكريات الاسرة وخاصة ذكريات الاب مع البنات هو وصف عبقري بل وصف حقيقي تكاد تراه حولك او الأقرب انك تعيشه
الشخصيات مرسومة باحتراف وبإبداع
اللغة ممتعة تكاد تكون السهل الممتنع
الحبكة قوية ومنطقية

