الطنطورية : وأصل الكلمة يرجع لقرية الطنطورة في شمال فلسطين ، وتحكي القصة فتاة طنطورية ، منذ أن كانت في الثانية عشر من العمر ، وما حل بقريتها ، ورحلة الشتات ، والمجازر والقتل التي تمت على يد الصهاينة ، ثم زواجها وانتقالها إلى لبنان مع زوجها ، والتي عاصرت خلالها الكثير من الحالات الإنسانية والكثير من المجازر التي وقعت في حينها ، منها مجزرة صبرة وشاتيلا وفقدان زوجها ثم انتقالها إلى العيش مع ولدها في أبو ظبي ، ثم انتقالها للقاهرة ثم العودة للبنان مرة أخرى حيث تنتهي الرواية .
الرواية تحمل الكثير من الحياة في جنباتها ، والكثير من المشاعر ، وتستطيع وأنت تقرأ الرواية أن تلمس الحياة الفلسطينية البسيطة في القرى ، وتمر مع الكاتبة بلحظات المعاناة ، ولحظات الألم ، وتعيش معها ومع الأسر الفلسطينية في الشتات ، وتعرف كيف كانوا يتعاونون ، ويتكافلون ، ويساعدون بعضهم البعض ، ليتمكنوا من النجاة من الموت .
تحمل الرواية الكثير من الدماء والكثير من القتلى ، والكثير من صور الألم ، وهذا بطبيعة الحال يناسب الأحداث التي تتناولها الرواية ، كرواية توثيقية ، وبناءً على التوضيح في نهاية الرواية فالأحداث كلها أحدث واقية جرت بالفعل في تلك الأماكن التي وُجدت فيها بطلة الرواية ، السيدة / رقية ، لكن الأشخاص ، مقتبسون من خيال الكاتبة ، وقد أبدعت رضوى عاشور في تجسيد دور الفلسطينية ، لدرجة أنها تشعرك أنها تحكي قصة حياتها الشخصية ، وذلك تلمسه في عمق المشاعر حين تتحدث السيدة / رقية عن أبنائها ، أو إخوتها ، أو تنقلك للحظات الحنين ، وحين تعود بك لاسترجاع لحظة مؤلمة أو لحظة اشتياق في حياتها السابقة .
الرواية شيقة لكنها ربما لا تروق بعض القراء لكثرة الصور العنيفة من القتل والدماء والضحايا ، أو لكثرة التوثيق التي سارت بها الكاتبة من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة أخرى ، لكنها في النهاية عمل أدبي مشوق في صياغته مثير لمن يريد أن يتعرف على أحدث تلك الحقبة من 1948 إلى 1982 ، ومثير أيضاً لمن يرغب في معرفة بعض التفاصيل عن الحياة الفلسطينية قبل الشتات ، وبعده .

