رواية مشوقة ولا أستطيع أن أقول خلاف ذلك بما فيها من الأحداث ما يجعلك تتعلق بالكتاب حتى تنهيه ، أسلوب جميل في الطرح ، لكني أختلف مع الكاتبة فيما قالته في مقدمة الكتاب ، من أن القصة من نسج الخيال ، حيث إن الأحداث التي ساقتها في الرواية لا يمكنها أن تترتب بهذا الشكل في عقل كاتب ، دون الرجوع إلى سجلات قضايا وقعت فعلاً ، والاستماع لأشخاص عايشوا تلك الحوادث ، كما أنها وجهت الشكر في النهاية لجهات ساعدتها وأشخاص تجنبت أن تذكرهم ، وهذا دليل آخر على أن القصة وقعت ، ربما مع اختلاف الجنسيات ، والأسماء أو ربما طلب من الكاتبة عدم التصريح لكي لا تعرف الشخصيات الحقيقة ، إلا أن هذا لا يقلل من أنها أبدعت في توزيع الأحداث ومتابعة مسارات القصة بشكل متوازن .
ربما نسجت الكاتبة من خيالها بعض المواقف ، أو وضعت لمستها العاطفية في وصف المشاعر الإنسانية التي مرت بها شخصيات الرواية ، لتكمل الحبكة الروائية من كل الجوانب .
طرحت الكاتبة إشكاليات كثيرة لا ينتبه لها الناس في الحياة ، ولا يلامس المها إلا من وقع في تلك المشاكل والأزمات ، واستطاعت أن تصف المشاعر بصورة بارعة تجسد الألم والحيرة وتأثيرات الأزمة ، وجمعت نقائض كثيرة مثل الإيمان والكفر ، اليقين والجحود ، الانحراف والاستقامة .
طرحت أيضاً ، الإشكاليات الأمنية ، وكشفت مدى تراخي الجهات الأمنية في متابعة مشاكل تنال اهتمام الناس ولا تجد الاهتمام الموازي لدى تلك الجهات .
ناقشت الرواية عبر شخوصها مسألة الاختطاف ، ومسألة الاتجار بالبشر وبالأعضاء ، ومسألة الحج ، بتسلسل واقعي ، مؤلم أحياناً ومزعج أحياناً أخرى ، طرحتها ليتساءل القارئ أين نحن من هذه المشاكل التي لا تناقش في الإعلام ولا تجد الاهتمام الكافي لدى المجتمعات ولا السلطات لكي يقضي عليها ، وكشفت أو بمعنى أصح ألمحت أن هناك مسؤولين كبار يقفون خلف تلك العمليات القذرة ويستفيدون منها .
لا أستطيع إلا أن أهني الكاتبة وأشكرها في الوقت نفسه على هذا الرواية الوثائقية في أحداثها ، العاطفية في مشاعرها ، فشكراً للمبدعة بثينة العيسى ، كما أني أنصح وبشدة من يجد هذه الرواية أن يقرأها لأنها لا تعتبر عملاً أدبياً فقط ، بل عمل توثيقه في صورة أدبية ممتعة .

