كان هذا أول كتاب أقرؤه لتوماس مان، وقد وجدته تجربة مثيرة للاهتمام. الكتاب مزيج من انطباعات يومية دوّنها الكاتب أثناء رحلته البحرية من أوروبا إلى الولايات المتحدة، حيث كان في كل يوم يتأمل في الجزء الثاني من دون كيخوته. كان واضحًا أن تركيزه الأساسي على هذا الجزء، وخصوصًا على «الجزء المزيّف» الذي دفع ثيرفانتس إلى كتابة الجزء الحقيقي. يشرح مان بعمق كيف أن ثيرفانتس، في الجزء الثاني، جعل شخصياته تدرك ذاتها وتتحول من أبطال خياليين إلى بشر حقيقيين، ويرى في ذلك إنجازًا رائدًا في الأدب. ويعتقد أن نية ثيرفانتس كانت خفيفة في البداية، لكن البعد الإنساني لشخصياته نما وتعمّق مع الكتابة، خصوصًا في شخصية دون كيخوته نفسه. هذا ما ذكّرني بقول أونامونو إن «دون كيخوته أعظم من مؤلفه». تأثرت أيضًا بإعجاب مان بروح التسامح لدى ثيرفانتس، في زمن لم يكن يُنظر فيه إلى التسامح كفضيلة. ومع ذلك شعرت أن إطار الرحلة البحرية لم يضف كثيرًا إلى النص؛ فالتأملات كانت كافية بذاتها. قراءة فكرية ممتعة تُظهر كيف يمكن لكلاسيكٍ أن يُضيء كلاسيكًا آخر.
رحلة بحرية مع دون كيخوته > مراجعات رواية رحلة بحرية مع دون كيخوته > مراجعة Subhi Najjar
رحلة بحرية مع دون كيخوته
تحميل الكتاب