الاختباء في عجلة هامستر > مراجعات رواية الاختباء في عجلة هامستر > مراجعة دينا ممدوح

الاختباء في عجلة هامستر - عصام الزيات
تحميل الكتاب

الاختباء في عجلة هامستر

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

الاختباء في عجلة هامستر للكاتب عصام الزيات

دار النشر: دار دون

عدد الصفحات: 320 صفحة

سنة النشر: 2025

بعدما أنهيت الرواية السابقة للكاتب عصام الزيات كنت أنتظر ماذا سيكتب في المرة التالية، وبعد أن رأيت اسم وغلاف (الاختباء في عجلة هامستر) كنت أعرف انها ستكون مختلفة كما كانت سابقتها.

تبدأ الرواية بمشهد افتتاحي صادم، للبطل الذي يقوم بإعادة تمثل جريمة ق.تل زوجته أمام أهل قريته والنيابة.

من أفضل المشاهد الافتتاحية التي قرأتها في الروايات بشكل عام، فلقد أخذني الكاتب من يدي والقاني في قصته التي قرر أن يجعلني أنغمس فيها في الأيام التالية لقراءة هذا المشهد، غرقت في عالم (عجايبي) الذي كان اسم على مسمى حقًا، ومعه الدكتور (عمران) ونساءهم، لأتعرف على خلفية كل منهم وما الذي أوصله إلى هذا المشهد الذي افتتحنا به قصتنا.

تبدأ الرواية من المشهد الأخير وتعود بنا إلى القصة من بدايتها، لنتعرف على من هو (عجايبي) وماذا يعمل واسم القرية التي تدور فيها الأحداث، والمستشفى العام التي يعمل بها دكتور (عمران) الذي هو في الأصل طبيب نفسي فلا تعرف كيف يمكنه الجلوس في الاستقبال، ولكن تنقذه في جميع الأوقات (ميس زينب) الممرضة المرافقة له في نبطشياته.

يرتب القدر لقاء (عجايبي وعمران) فتشعر وكأنه لقاء ما بين الشرق والغرب، ولكن على العكس من ذلك نجد أن كل منهم وجهان لعملة واحدة وهي الكذب، يكذب (عجايبي) ليتأكد الجميع أنه يعمل في الخليج لسنوات على الرغم من تواجده جوارهم يفصل بينهم بضع محطات للقطار، وتحبه (أنجي) وهو أبعد ما يكون عن أحلامها وأمنياتها، يمكن أن يستمر الكذب لسنوات، ولكن في النهاية حبله قصير ينقطع في لمح البصر وتنفرط كل حبات الأكاذيب المعقودة فيه.

كما رتب القدر لقاء (عجايبي وعمران) كان للقدر أحاديث أخرى معهم، ليرتب الكثير من المنحنيات في الأحداث الجارية حولهم وترتيب الأشخاص وقربهم، ولكن تظل علاقتهم كما هي بالقوة ذاتها حتى مع بعض فترات الغياب، ربما كان الغياب واحدًا من الأسباب التي أدت إلى قرب بعض الأشخاص من بعضهم في غياب البعض الأخر.. لا أعلم!

تتوالى الأحداث بتواتر عجيب فكان شعوري الأول أن تلك رواية أو حكاية حقيقية تعتمد على أثر الفراشة بشكل رئيسي، كل حدث من البداية كان سيصل بنا إلى النهاية ذاتها، كل الأشخاص في الرواية كانوا يخطوا بخطى ثابتة مؤدية إلى كل ما حدث، كل تفصيلة تم وضعها لسبب ما تكتشفه فيما بعد من الأحداث المتتالية.

تأتي النهاية لنتعرف كيف كانت عملية القتل ومن القا.تل ومن القت.يل حقًا، فليس كل من سال دمه م.يت وليس كل من ينبض قلبه حي! نقف أمام معضلة كبيرة ما بين الحياة والمو.ت في النهاية لا تعرف من يستحقها ومن لا.

أعتبر الرواية من الروايات السينمائية التي تعتمد على الصورة بشكل أساسي من حيث الوصف أو جعل القارئ يري كل الأحداث والأشخاص أمام عينه وكأنه يعيش معهم، كنت أرى المنازل المتهالكة والممرات التي تخترق الغرف للتوجه لغرف أخرى كما تخترق العيون كل البيوت حتى المغلقة منها، كنت أرى جمال (أنجي) ولامبالاة (نسرين) رأيت المستشفى القديمة وتنشقت رائحة الفنيك، رأيت ضعف (عمران) الذي كان قوة في نظر (أنجي) لحظة وفاة أبنها وما فعله من أجلها، رأيت ضعف (عجايبي) في كل مرة قرر أن تكبر الكذبة وتتمدد لتغلف حياته بأكملها، رأيت قاعة المحكمة ودموع أهل أنجي والشاذلي، كنت أرى رجفة يد (عمران) وهو ممسك بالهاتف أسفل منزل الجر.يمة يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه!

الكثير من التساؤلات التي ظللت أفكر فيها، رأيت أن العمود الأساسي الذي قامت عليه حياة الأبطال في الرواية هي الكذب، وتمنى ما ليس باليد، وأن القوة هي غلاف هش جدًا لكل الضعف أسفلها والذي يظهر في أول موقف.

غرقت الرواية في الواقعية والأفكار التي تزيد من أخطاء من سبقونا لتستمر حتى الأبد في امتداد لا نهائي لا يوقفه كاذب، إلا أنك ترى الجانب النفسي بكل وضوح في الأشخاص الذين نراهم في حياتنا كل يوم وخارجهم لا يمت بصلة لداخلهم.

أشار الكاتب للكثير من السلبيات منها التعامل مع المستشفيات في القرى الصغيرة، تواجد أطباء في غير أماكنهم أو التخصص المناسب لهم، اعتماد الأهالي في القرى على الشعوذة والدجل والمباركات، زواج الفتيات صغار السن ودون رغبتهم في حالة (أنجي)، أزمة منتصف العمر للرجال في حالة (عمران)، الحلم بالسفر للخليج والأموال التي يجنيها الشاب في تلك الرحلة في حالة (عجايبي)، الزوجة التي ترى زوجها كمصدر للمال فقط وعدم بناء الحياة الزوجة على الحب مما له الكثير من النتائج السلبية فيما بعد كما في حالة (نسرين)، ولكن في وسط كل تلك الإشارات لا تشعر أن الرواية وعظية، ولكن كل تفاصيلها متضافرة معًا لتمنحك في النهاية حكاية وصورة ترغب في معرفة توالي أحداثها فتتبعها بشغف وألم في الوقت نفسه، فالألم كان جزءٍ أساسيًا في كل ما حدث والنهاية التي وصل لها الأبطال.

بمناسبة الحديث عن النهاية فلقد شعرت أنه كان يجب منحنا لمحة من الأمل في حال تغير رأي القاضي بعد ظهور (عمران) حتى وأن كان لتأجيل القضية والنظر فيها وفحص هاتفه من قبل المختصين وبالتأكيد سيصلون لنهاية مختلفة، ولكن الحقيقة أن الكاتب أراد أن تكون نهاية كل منهما واحدة، أراد لعجايبي أن يمو.ت حيث سيجد راحته حسبما أعتقد، وأن يظل (عمران) يتقلب في نار الذنب لما فعله في (أنجي) وصديقه (عجايبي) وحتى أهل أنجى، وفوق كل هذا كلمات (فاروق) التي ظلت تتردد حتى النهاية وكأن الروتين برغم كل المأساة مازال يحيط بالطبيب النباطشي.

من أجمل الروايات التي قرأتها هذا العام وأجد أنها كتبت بحرفية كبيرة، وبعد أن أنهيتها قرأت تعليق للكاتب أنه قد أخذ فكرة شخصية عجايبي من أحدى الشخصيات الهامشية في روايته السابقة، وأنه ربما سيفعل الأمر نفسه في الرواية القادمة ويأخذ أحد الشخصيات الهامشية في عالم عجلة الهامستر ليبني عليه رواية أخرى، فأجد تلك فكرة عبقرية ستجعلني أنتظر عالم ملحمي يربط الكاتب فيه جميع أعماله بلوحة فنية كبيرة في النهاية، ذكرني ذلك بعوالم نجيب محفوظ، لذلك أنا في انتظار العمل القادم للكاتب.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق