"بالكتب نسكن أجساد الآخرين، ونلامس بشرتهم، ونغوص في عيونهم. بل إن أفضل ما يمكن أن يحدث للفرد، في عالَم يتسم بالنرجسية والأنانية، أن يغدو المرء هو الناس جميعًا.
لم تكُن القراءة يومًا بالنشاط المنعزل، حتى وإن قرأنا في غياب الرفقة، في حميمية البيت. بل إن القراءة عمل جماعي يقرِّبنا إلى عقول أخرى، ويستمرّ في تأكيد إمكانية التفاهم التي تتمرَّد على الأزمنة والحدود الجغرافية. عَبْر درب اللذة، وفوق هاوية الاختلافات، تمدّ القراءةُ جسورًا مُعلَّقةً من الكلمات."
أول ما تبادر إلى ذهني بعدما أنهيت هذا الكتاب الصغير، أنه كتاب لذيذ حقاً، لا يُريد أن يعطي نصائح حول القراءة بشكل تقليدي، بل هو يقدم لك أثرها من خلال حكايات خاصة وعامة، للكاتبة ولأدباء آخرين، ذلك الأثر هو ما يُثير فيك حمية القراءة من جديد، وتخرج من الكتاب عاقداً العزم على أن تقرأ بشكل أكبر، فهذا الكتاب، رغم أنه يسهل التهامه في جلسة، سيجعلك تشعر بالجوع نحو مزيد من الحكايات والقراءة، ويجعلك تقدر الكتب بشكل أكبر، من خلال الوصف الرائع ورسالة الغرام التي كتبتها "إيريني باييخو" في حب الكتب.
مثل هذه الكُتب وجدت لكي تكون بمثابة تذكرة لماذا نحب القراءة، وما تُثيره فينا القراءة من تساؤلات تمس واقعنا وحياتنا، ويشجع على القراءة للكاتبة مرة أخرى، وأن تلك الكاتبة التي كتبت هذا الكتاب القصير للغاية، هي التي كتبت الكتاب الضخم "اختراع الكتب"، فيكون هذا الكتاب بمثابة المقبلات قبل الوجبة الشهية التالية. وكالعادة تُقرب لنا ترجمة "مارك جمال" الأفكار بسهولة ويسر.