فريدة وسيدي المظلوم > مراجعات رواية فريدة وسيدي المظلوم > مراجعة Hesham Wahdan

فريدة وسيدي المظلوم - هبة أحمد حسب
تحميل الكتاب

فريدة وسيدي المظلوم

تأليف (تأليف) 4.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

* قراءات سابقة للكاتبة *

لا يوجد. لكن سيكون هناك قراءات قادمة بدون شك.

-------------------------

* نظرة على الغلاف *

جمع الغلاف الأمامي كلاً من الملكة فريدة - جهة اليمين - وهي في مرسمها الخاص مع لوحاتها بعد طلاقها من الملك فاروق ، وعلى الجهة اليسرى امرأة مصرية من سيدات سيدي المظلوم - فريدة اخرى بشكل ما - تقوم بأعمال الحياكة.

يلتف حولهما علم مصر ابان فترة الحكم الملكي دلالة على المصير المشترك الذي لم يُفرق بين ملكة وسيدة عادية. يعلو التاج الملكي كلتا رأسيهما كرمز لمكانة المرأة المصرية عبر العصور.

غلاف معبر جداً ويحمل انعكاس واضح لما سيجده القارىء في رحلته عبر الأجيال بين دفتي هذا الكتاب.

-------------------------

* المميزات / نقاط القوة *

- تاريخ المحروسة كما لم تقرأه من قبل. من المنظور النسائي نتحدث.

- السرد المتداخل للأحداث شَكل ضفيرة أدبية ساحرة.

- مزيج متجانس جداً من الشخصيات الحقيقية والمُتخيلة.

- لغة ادبية برائحة محفوظية وشلبية ، لغة حوار عامية مذهلة.

-------------------------

* الملاحظات *

- افتقدت الرواية القاء الضوء على ظاهرة التشدد الديني التي عصفت بالمصريين منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي بشكل كافٍ. جاءت لمحة بسيطة منها فيما يخص حادثة المنصة في ٦ أكتوبر ١٩٨١. كنت اتمنى ان تكون هناك شخصية تمثل هذا التطرف يتم دمجها مع خط سير الأحداث.

-------------------------

* فلسفة / رسالة الرواية *

قدمت الرواية حِقبة من التاريخ المصري الحديث برؤية نسوية اذا جاز التعبير. سواء كانت المرأة ملكة او من عامة الشعب فالحِمل الملقى على كاهلهن ثقيل وتبدأ الأحداث وتنتهي عندهن وفي الأغلب هن من يتحملن الجزء الأكبر من وطأة النتائج خاصة في الأوقات العصيبة التي يمر بها الوطن.

-------------------------

مراجعة الرواية:

روايات الأجيال تقوم دائماً على اكتاف شخصياتها. اذا نجحت ككاتب في تقديمها كما يجب ستضمن نجاح الرواية بلا شك. هذا بالتأكيد يصاحبه أسلوب سردي ملائم يضمن الانتقال بين الأحداث بشكل ناعم وسلس.

( فريدة وسيدي المظلوم ) حملت اكثر من ذلك كي اكون صريحاً. جاء عامل اللغة ليضيف مزيداً من التألق على هذه السردية بدون تكلف او تقُعر.

الى هنا قد اجتمعت كل الخصال الادبية الحميدة في طبخة واحد. يتبقى اذن ان يتذوقها القارىء ويبدي رأيه.

من يرغب في معرفة سر الخلطة يقرأ معي السطور القادمة التي اتمنى ان تكون مناسبة لذائقته بما يكفي.

* الفكرة / الحبكة *

ما بين الحقيقة والخيال نلهث وراء اقتفاء اثر تاريخ مصري كان الشاهد الأبرز عليه هو ابناء الوطن. على ان الرؤية هذه المرة جاءت من منظور نسوي ، حيث تشابكت حكايات نسوة شارع سيدي المظلوم مع حكاية وسيرة حياة ملكة مصر - فريدة - التي أجمع غالبية الشعب على محبتها واجلالها.

حملت الحكاية الكثير جداً من التفاصيل التي قد تبدو مختلفة تبعاً لاختلاف البيئة والظروف الحياتية بين طرفيها ، لكن ان امعنت النظر فيما بين السطور ستكتشف انها حكاية واحدة تعددت فيها الأسماء والمظلوم واحد.

خمسون عاماً اجتمع بين طياتهم خيبات وآمال ، نكسات وانتصارات لم تغير الشخصية المصرية بل اكسبتها صلابة من نوع خاص وقت ان كانت الفطرة سليمة لم يصبها ما أصابها لاحقاً من امراض العصر.

* السرد / البناء الدرامي *

يمكن تشبيه الأسلوب السردي بشكل ضفيرة الشَعر التي تتخذها النساء للتزين. سرد متداخل يجمع الخط الدرامي المتخيل لنساء سيدي المظلوم مع شريط حياة الملكة فريدة لتكون النتيجة ضفيرة سردية لا تستطيع كقارىء تمييز الحقيقة عن الخيال فيها.

هناك ما يشبه نظرية تأثير الفراشة الشهيرة. ما يحدث هنا له انعكاس على الأحداث هناك والعكس. الكل مرتبط بمصير واحد مع اختلاف التفاصيل.

في البداية قد يتسبب لك هذا الأسلوب في بعض الارتباك. لا توجد فواصل بين الأحداث في الفصل الواحد لكن سرعان ما ستتذوق حلاوته الغير معتادة. انتقال عبر المكان في نفس اللحظة الزمنية بشكل اشبه بالسحر. تكنيك يصعب اتقانه في الكثير من الأحيان وقد يصيب الرواية بالشلل القرائي - مجازاً - اذا لم يكن مدروساً بشكل دقيق.

الاجمل ان الفصول اعتمدت عناوين الشهور القبطية. كل شهر له حكمة مأثورة يتداولها المصريين منذ قديم الأزل. هذه الحكمة لها مغزى واضح يتضح مع سير الأحداث سواء كانت العاقبة خيراً او شراً.

البناء الدرامي سريع الإيقاع بشكل كبير دون ان يأتي ذلك على حساب الإحساس العالي جداً بالفترة الزمنية المصاحبة للخط الدرامي والتي تتوارى في الخلفية بشكل جمع بين الخفاء في بعض الأحيان والعلانية في أحاين أخرى.

اما بخصوص المشهدية فحدث ولا حرج. هل تفتقد حواديت الجدات ؟. الراوية العليمة ستحكي لك على طريقة انه كان يا مكان حكاية وطن من خلال سكان شارع سيدي المظلوم. سندخل بيوتهم ونعشش في زواياها واركانها وحوائطها لنمتص عصارة تجاربهم وخبراتهم وأيضاً بساطتهم وتلقائيتهم وحتى جهلهم ستجده محبباً الى نفسك بشكل ما.

نقطة اخيرة تتمثل في ومضات حملتها نهايات الفصول لما سيكون عليه حال الشخصيات مستقبلاً بدون الكشف الصريح عن التفاصيل. أسلوب جذاب يجعل القارىء متشبثاً باستكمال الحكاية في أسرع وقت.

* الشخصيات *

قليلاً ما اتفاعل مع كامل شخصيات رواية ما. في المعتاد تجد نفسك منجذباً لاحداها دوناً عن الأخرين حتى لو كانت تمثل جانب الشر من الحكاية.

سكان سيدي المظلوم يجبروك بشكل ما ان تحبهم. ربما أيضاً يجعلوك تحن لزمن لم تعشه من قبل. الجدة ناعسة ، حورية كويني ، الست مانجا النوبية ، ابراهيم العطار ، فرج حدوتة ، الحاج عبد التواب ، الصبي بسطاويسي ، جابر الفتوة ، نجاة ، سالمة بنت وهدان وقائمة لا تنتهي من قاطني الشارع. حتى القرد سميح والقردة سميحة سيتركون شيئاً من الأثر على الحكاية.

شخصيات نابضة بالحياة ، جمعت بين الحقيقية والمتخيلة. لن تشعر بأي خيال لو أردت رأيي الصادق. كلهم وجدوا وعاشوا في زمن ما حتى لو اختلفت الأسماء. لا يهم. الفكرة هنا هي الشخصية نفسها وخلفياتها وبناؤها ، وهو ما برعت فيه الكاتبة بدون شك.

رغم تعدد الأجيال وازدياد عدد الشخصيات بتطور الأحداث وتعاقب الزمن فلكل منها بصمته الخاصة به. ظهرت جلية في تعدد الخلفيات الثقافية وتباينها ما بين البساطة والفطرة المتناهية وصولاً للثقافة العالية واللغات والإتيكيت. طيف واسع جداً شمل كل طبقات المجتمع المصري في الفترة الزمنية المقدرة بحوالي خمسين عاماً تقريباً هي زمن الحكاية.

شخصيات على طبيعتها لم يصبها امراض التلوث الفكري والتدني الأخلاقي والتطرف الديني التي نشهدها في الزمن المعاصر.

* اللغة / الحوار *

- لغة السرد:

هناك نسمات ادبية تحمل روائح من عوالم العم نجيب وأيضاً شيخ الحكائين عم شلبي بين الحين والأخر للقارىء. تحدثت الرواية بلغة سردية بديعة حملت احساساً عالياً بالمكان والزمان لا تخطئه الأذن والعين. نحن في الحارات الشعبية حيث الخليط الساحر من الطبقة المتوسطة والبسطاء.

وصف الاماكن والبيئة ومفرداتها يجعلك تشتم رائحتها وسط الكلمات. رائحة الفايش ، الشاي بالليمون ، السبانخ الخ. رائحة المقهى والشيشة. رائحة الموالد. باختصار رائحة الشخصية المصرية ، رائحة الوطن.

- لغة الحوار:

جاءت بالعامية ويمكن وصفها بالمذهلة فعلاً وتكشف عن بحث عميق ودراسة وافية لطريقة الكلام واللهجات خاصة الصعيدية والبدوية.

لغة الحوار اتسمت بالخصوصية الشديدة. لغة تباينت واختلفت تبعاً لشخصية متحدثها. حوار الملكة فريدة وصديقتها حُسن شام لا يشبه بأي حال طريقة حوار ناعسة او زينب او صفية وباقي سكان سيدي المظلوم وهكذا.

ما يلفت النظر هو حوار ( سالمة بِت وهدان ) البدوية الصحراوية التي تتحدث بمفردات مجهولة لا يفهمها الا ابناء تلك البيئة. اللهجة الصعيدية الأصيلة كانت حاضرة بقوة. كذلك لغة نساء سيدي المظلوم الغارقة في المحلية المحببة.

كل هذا ساعد على تقديم شخصيات متكاملة البناء شكلاً وموضوعاً.

* النهاية *

هذا النوع من الروايات لا يحمل نهايات تحمل مفاجأت ، خاصة ونحن أمام تاريخ يتم سرده بشكل درامي حتى وان صاحبه خيال الكاتب بدون شك.

يمكن القول انها نهاية كلاسيكية أحببتها جداً تضع نقطة او اشارة توقف مؤقتة في عمر الزمن برحيل الملكة فريدة عام ١٩٨٨. يمكن اعتبارها نهاية جيل كان شاهداً على احداث جِسام على المستويين الشخصي والوطني وان الاوان لكي يستريح ويسلم الراية للقادمين من بعده.

هناك البوم صور في نهاية الرواية حمل بعض اللقطات للملكة فريدة في فترات مختلفة من حياتها وأيضاً لقطات لشخصيات حقيقية استوحت منها الكاتبة سكان سيدي المظلوم. هذا يعد بمثابة حبة الكرز أعلى الكعكة.

توتا توتا خلصت الحدوتة والسلام ختام.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق