* قراءات سابقة للكاتب *
( الأستاذ بشير الكحلي ).
---------------
* نظرة على الغلاف *
غلاف بسيط بخلفية اوراق البردي اشارة للمخطوطات التي عثر عليها المترجم والتي يظهر محتواها باللغة القبطية بداخل سمكتين من خير نهر النيل ربما كإشارة رمزية لكون المخطوطات صيد ثمين رزقنا الله به كي نعتبر ونتفكر.
---------------
* المميزات / نقاط القوة *
- مخطوطات تجمع الحكمة ، الفلسفة الوجودية ، العبثية ، الواقعية والدين في اطار ادبي شامل.
- شخصية استثنائية لراهب غارق في السطحية والضحالة الفكرية.
- سرد روائي عتيق وعصري في آن واحد.
- الرواية مُشبعة بما لذ وطاب من اللغة القبطية القديمة مع الشرح المركز والمختصر للكثير منها.
-----
* الملاحظات *
- النص كان يحتمل المزيد التفاصيل والحكايات لكن علينا مراعاة الزمن الذي كُتبت فيه.
- عليك بالبحث عن معنى بعض الكلمات والمصطلحات القبطية حتى يتسنى لك الالمام بالنص بشكل أفضل.
---------------
* فلسفة / رسالة الرواية *
تمهل وتعقل ولا تندفع كالأهوج بحثاً عن وجاهة زائفة تودي بك في غياهب النسيان. وعليك بالصبر والبحث والعلم الجاد حتى تصل لمبتغاك هذا ان صدقت نواياك.
---------------
مراجعة الرواية:
على عهدة الراوي الذي سجل سيرة الراهب ( شيشاي ) في سبع مخطوطات وقام مينا عادل بترجمتها من اللغة القبطية القديمة وصياغتها بشكل روائي للقارىء ، فقد نكون أمام اول نص يمكن تصنيفه كرواية ادبية منذ ظهور الكتابة.
المخطوطات كُتبت على يد ( هدرا ) تلميذ الراهب عام ٦٤١ ميلادياً بعد وفاة ( شيشاي ) بحوالي عشرين عاماً. اذن نحن امام اكتشاف ادبي مثير لا يقل أهمية عن اي اكتشاف أثري اخر.
سردت المخطوطات - على عكس المعتاد من توثيق سِير لأناس ذوي شأن عظيم ومؤثر - سيرة حياة راهب سقط في الذَلل وغرق في ضلالات فكرية وارتكب خطايا لا حصر لها تحت زعم الرهبنة والتعبد. باختصار نحن امام راهب ساقط خسر نفسه وحياته في سعيه الزائف خلف رهبانية مُتوهمة ترتكز على الخيلاء والتظاهر امام عوام الناس ، أملاً في القداسة والتبرك بمعجزاته المزيفة.
* الفكرة / الحبكة *
المخطوطات عددها سبعة. اذن بقليل من الذكاء نستطيع ان نفهم مضمونها. هي سيرة شاب قبطي يُدعى ( شيشاي ) يبحث عن نفسه وسط مسيحية يؤمن بها كدين ووثنية تعم البيئة المحيطة به.
المثير ان الشاب يقرر سلوك طريق الرهبنة بناءً على قصة وردت على لسان ابيه ، لم يبذل ادنى جهد للتفكر في مدى مصداقيتها ومعقوليتها. يتملكه الحماس والعناد وعدم الاصغاء الى صوت العقل ويقرر السير على درب الراهب ( أنطونيوس ) مؤسس الرهبانية في مصر القبطية.
يخوض ( شيشاي ) رحلة بحث طويلة عن الذات وفرز لحقيقية نواياه في مواجهة كاشفة مع خطايا البشر السبعة المعروفة. وكما نعرف جميعاً وقت الامتحان يُكرم المرء أو يُهان. فكيف كان مصير الراهب وماذا كانت النتيجة والمُحصلة النهائية ؟.
* السرد / البناء الدرامي *
يمكن وصف عنصر السرد بأنه عتيق من حيث طريقة الحكي وفي نفس الوقت فهو عصري جداً لو نظرنا للبناء الدرامي للأحداث وهذا مع مراعاة الزمن الذي كُتبت فيه المخطوطات بكل تأكيد.
لن اغفل بالطبع تحرير وصياغة النص على يد المترجم حتى يصل لنا بشكل أفضل كثيراً بكل تأكيد عن شكله وبناؤه الأساسي. لكن يمكننا استنشاق عبق التاريخ من خلال السطور والاحساس العالي بالزمن القديم.
احداث سريعة ومشوقة تم تقسيمها على سبعة كتب مع ختام مُلهم يحمل الكثير جداً من التساؤلات التي يجب علينا جميعاً ان نطرحها على انفسنا حتى نواجهها بحقيقة ومكنون ذواتنا.
* الشخصيات *
تحتوي المخطوطات على عدد قليل نسبياً من الشخصيات والتركيز الكلي كان بالطبع مع الراهب ( شيشاي ).
هي شخصية الانسان بغروره ، كبريائه ، حسده للأخرين ، طمعه ، شهواته ، كراهيته وكسله. على ان المثير في الأمر كان مدى السطحية والسذاجة التي كان يتعامل بها الراهب مع جميع القضايا والمسائل التي يجد نفسه عالقاً في اختباراتها.
هو شخص لا يعطي لنفسه وقتاً للتأمل والتفكير والفرز والتقييم ، رغم انه يدعي طيلة الوقت انه يهدف الى فرز الصالح عن الطالح من الأمور ، وانه يبحث عما خلف الظاهر وصولاً الى باطن الحقيقة الخ هذا الكلام المُنمق. كل خطيئة او ذلل يرتكبه يتوهم انه معجزة ربانية ما حباه الله بها كي يكون راهباً متوحداً !. السطحية والضحالة عندما يجتمعان في انسان تكون العواقب وخيمة.
( شيشاي ) هو نحن جميعاً بشكل ما وبدرجات تختلف من شخص لأخر.
* اللغة / الحوار *
اللغة ممتعة بالنظر الى زمن كتابتها وايضاً صياغة المترجم للنص الأدبي كان لها عامل هام جداً في تذوق القارىء لها.
ستجد الكثير من الحوار الذاتي الذي يكشف مكنون الصدور والذي يتناقض مع ظاهر الكلام في عدة مواقف ومواضع من الرواية بما يعكس حقيقية الراهب ومدى سطحيته الشديدة.
النص مُشبع بالعديد من الكلمات والمصطلحات القبطية القديمة مع شرح للكثير منها بطبيعة الحال. هذا لا ينفي ان عليك البحث عن معنى البعض الأخر حتى يتسنى لك الاستمتاع بالنص بصورة أفضل. شخصياً استعنت بمحرك البحث جوجل للوقوف على المعنى ولو بشكل عام لكنه كان يفي بالغرض.
* النهاية *
طريق الوصول الى الايمان والحقيقة - في مختلف العقائد - هو طريق شائك جداً ولا يمكن اختزاله في معجزات يتوهمها الانسان كي يختصر المسافة بدون جهد او تعب.
العواقب كارثية وستجد نفسك في نهاية المطاف كالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
ختام فلسفي جميل لسيرة راهب تدعونا الى التأمل واعادة التفكير ومراجعة انفسنا والتمهل قبل استكمال رحلة الحياة.
---------------
ختام:
رواية مختلفة جداً وتسبق عصرها بكثير وبالتأكيد هي قصة الانسان منذ بدء الخليقة وحتى تقوم الساعة.