لقد تركنا الله > مراجعات رواية لقد تركنا الله > مراجعة Mahmoud Toghan

لقد تركنا الله - أماني عيسى
تحميل الكتاب

لقد تركنا الله

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

‏‏1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية

‏2️⃣ العمل : رواية " لقد تركنا الله "

‏3️⃣ التصنيف : فلسفة نفسية وروحية

‏4️⃣ الكاتبة : Amany Eysa

‏5️⃣ الصفحات : 226 ورقي

‏6️⃣ سنة النشر : 2021 م

‏7️⃣ الناشر : إبهار للنشر والتوزيع ـ Mohamed Nabih

‏8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐⭐

‏▪️هل تركنا الله .. أم نحن من فعلنا ..؟:

‏ـ لله في خلقه شؤون ، فببابه وقف الطالبون ، وهم لفضله راغبون ، خضعت له الدنيا والخلائق أجمعون ، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون .. لا يفنى ولا يبيد ، وكلنا تحت عظمته عبيد ، يتوه العبد ومرجعه مولاه ، وإن عاد يقبله الله ، يضل فيهديه ، ويبين فيدنيه ، وبه وحده يكفيه ويغنيه ، وبعد الوصال بالواحد المتعال ، يبقى السؤال الأزلي .. ماذا وجد من فقدك ، وماذا فقد من وجدك ..؟

‏ـ منذ قديم الزمان، وفي كلّ ركنٍ ومكان، يتصارع الكفر مع الإيمان ، والقوّة مع الضعف والهوان، والثراء مع الفقر، والنعيم مع الجحيم، والعطاء مع المنع، والرّوح مع النَّفْس، والجفاء مع الأُنس، والخير مع الشرّ، وبينهم القلب يبقى صريع هذه الحروب؛ يحاول النَّجاة من اليمين، فتُغريه ناحية الشِّمال....!

‏نعم، قال الله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾، ولكن في مقابل الضمير، نرى الشرَّ المستطير، وفي مقابل العقل تبقى الغواية تعبد الشهوة، والعفّة أسيرة الصحوة، والعدل في قبضة الجور، والحكمة في قلب الشرور.

‏كأنه هذا النداء الذي يخترق حجب السماء ..

‏إنّي بُلِّيــــتُ بأربعٍ يَرْمِيــــنني

‏بالنَّبْل عن قــوسٍ لها توتيــــر

‏إبليس والدنيا ونفسي والهوى

‏ياربّ أنت على الخلاص قدير

‏ـ تقرأ ، تغوص ، تغرق ، تتعب ، تسأل .. هل يسير الكون وفق منظومةٍ محكمة لا تتبدّل ولا تتغيّر؟ أم تحكمه الأهواء وتُبدِّله الشياطين؟ حاشا لله أن يكون كذلك!

‏هذا صوتُ اليقين ينادي...

‏ثم يردّ آخر:

‏كيف إذن...؟ ، وكلّ هذا الظلم الذي نراه، والقتل الذي بلغ مداه، والجَور والطغيان وصل عنان السماء؟! أصدقَ ظنَّ الملائكة حين قالوا: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾؟

‏يصرخ اليقين: حاشا لله فله في خلقه شؤون وحكم!

‏ويردّ الشك: وإن كان كذلك، فما الحكمة من وراء كلّ هذا؟!

‏يصدع اليقين : لله الحكمة العليا ، وهي أوسع من مداركنا، والعدل أبقى من مظالمنا، والرحمة أعمق من جراحنا... وإن تبدّلت صورهم ، فإنّ شيئًا واحدًا ثابت: أنّ الله لم يتركنا، بل نحن الذين تركنا سبيله، نحن الذين خذلنا أنفسنا، وظلمنا العباد، واعتدينا على الأمانة..التي ثقلت على السماوات والأرض والجبال .. وحملها الإنسان ، بظلمه وجهله.

‏ـ في هذه المعاني كتبت أماني عيسى أولى كتاباتها «لقد تركنا الله» الصادرة عن دار إبهار للنشر والتوزيع في (226) صفحة، التي فاجأتني بفكرتها، ولغتها، وعرضها، وحبكتها، وقوّتها، وبلاغتها، وفصاحتها، ورصانتها، وأُسلوبها ومَناعَتها، التي أبهرت فكري ، وأوجبت لها شكري؛ حيث وجدت فيها في كلّ حرفٍ معنى، ولكل معنى دلالة، ولكل دلالة إحالة .. نصّ عبقري أقرؤه بعيني، ثم قلبي، ثم عقلي .. ‏كلّ قراءةٍ برؤية، وكلّ رؤيةٍ بتفسير، وكلّ تفسيرٍ بتقرير، وكلّ تقريرٍ يُؤدّي إلى مصير... غير سابقيه.

‏▪️عنوان عاصف وغلاف كاشف:

‏ـ بدايةً من العنوان العاصف ، الذي يربك الأسماع ويستجلب الأوجاع، فيقرع القلوب قرعَ الجحود ، ويزلزل الأرواح زلزلة الرعود ... وصولًا إلى الغلاف الكاشف والمساعد ، البديع والشنيع في آنٍ واحد ؛ لوحةٌ من نارٍ ودخان، من دمٍ وصراخ، من أيدٍ ترتفع حيرةً أو استغاثةً أو صرخةً في وجه القدر .. ألوانه كالجراح، وسواده كالأشباح، وحمرته كالنار ، يُبهر الأبصار ، بما فيه من فتون، ويستفز الأفكار بما يحمله من جنون!

‏▪️ومضات من قصة الرواية:

‏"أريانا بلدٌ هناك ـ حيث لا هناك هناك"، تقاسمت فيما بينها إلى وديان ثلاث: الفحّامين، والعليان، ووادي الرمل الأبيض .. هكذا صاروا بعد حربٍ مدمِّرة نهشت قلوبهم، وأعمارهم، وأبدانهم، وأولادهم، ولم تُبقِ فيهم أحدًا؛ جريًا وراء "سحّار الجنّة" التي كانوا يحلمون بها... بعدما أصابهم القحط، ومنع عنهم العطاء من قبل السماء.

‏كانوا سابقًا: المؤمنون، والفحّامون، والمخيّرون، والأغيار؛ من جوف الفتنة و قلب الأسرار ، ومن الحرب الدائرة بين الدم والنار .. تخرج المستبصرة "شيراز" تحاول وضع نهاية لما يفعله "العليان" من تدميرٍ في بقيّة الوديان.

‏لكن بمن تستنجد آنذاك؟ بمن تُعلّق آمالها؟

‏بزعيم المحاربين من بني العليان، قائد الجيوش "أمان".

‏تنتشله من ظلام نفسه إلى نور روحه، وتعود به إلى الماضي فتتجلّى الحقيقة أمامه كاملة، يصارع هاهنا في دهاليز الشكّ واليقين، العدم والوجود، الحق والباطل!

‏فهل تصل إلى مبتغاها؟ أم يحرقها "أمان" بفكره وقلبه قبل أن تخترق أوصاله؟

‏هل تنجح فكرتها... أم تموت؟

‏هل يهتدي إلى الســـلام أم يَثبت؟

‏وما ثمن الهداية لو كانت..والعكس لو هانت؟

‏ ▪️ الشخصيات:

‏ـ بُنيت الرواية على شخصيّات مرسومة بدقّة عالية، كلّ واحدٍ منها يعبّر عن كيان، ويصوغ فكرًا، ويرسم طبيعة، ويكشف عن حالة... سواء كان "عاذر، أو إلياس، أو نيماري، أو سردار، أو أمان، أو آزاد، أو قسيمة، أو جاهيد، وغيرهم" .. الفجور، الميراث، السحر، التشتّت، الحكمة، القوّة، الإخلاص ... وبينهم صراع خاصّ وعام، بعيد وقريب، دمٌ ونار، بين مظلومٍ وظالمٍ وناقمٍ وحالم... وقبلهم جميعًا رسول النور الذي بدّد الظلام: "شيراز".

‏▪️الحبكة، بناء محكم باليقين:

‏ـ تتجلّى الرواية في حبكةٍ استثنائية، فلسفيّة، ديستوبيا، تدور في رحى الزمكان، محبوكة بالقوّة، مترفّعة عن أيّ هوّة، مسوَّرة بالحديد والفولاذ، مصوَّرة بالإيهام والإلغاز.

‏زيّنتها بالدقّة فأبدعت، وربطت خيوطها فأقنعت، كغرسةٍ أنبتت فأينعت .. فيخطف القارئ منها ما يزلزل كيانه، ويهُدّ أركانه، ويُطلق نحو الفكر عنانه؛ يصول ويجول في حلقاتٍ من نار، يحاول أن يصل إلى قرار.

‏تساؤلاتٌ فلسفيّة مكثّفة من أفواه مرهقة ، تصرخ صامتة ، وتحيا ميتة ، وتجاهد من أجل الفرار أو شيئاً من سلام ، تبكي تتألم تئن وتنوح ، تنخر بقوة في عظام الروح، وتجعل القارئ يقف في مرآةٍ الحقيقية ، يُعرّي فيها نفسه ممّا يلتحف به من إيمانٍ واهٍ، ثم يلبس ثوب اليقين ، ثقةً في ربّ العالمين..!

‏▪️ اللغة صلاة في محراب البيان:

‏ـ تتكامل الرواية بلغةٍ شديدة الوطأة، عميقة المعنى، قويّة المبنى، فلسفيّة العبارة، واضحة الإشارة؛ متناثرة على الأوراق كلوحةٍ يرسمها البديع، ويجمّلها البيان، ويُلوّنها جمال الصياغة، وقوّة العرض، وفصاحة الكلمة.

‏بين سردٍ وحوارٍ متكافئين متداخلين، تقرؤها بتؤدةٍ شديدة، فإن غفلت عنها أو سرحت فيها ضغطت عليك معانيها، وإن قرأتها التزمت بالإنصات والمتابعة، وإلّا غلبتك بسحرها الفتّاك، وما بها من شِراك، لا ينجو منها إلا مدقّق، ولا يعيها إلا محقّق.

‏▪️رأي محمود توغان:

‏ـ الأمنُ والأمانُ، والرّاحةُ والسَّلامُ، والحقُّ والخيرُ، والبِرُّ والرِّضا، والنُّورُ والعِلمُ… كلُّها معانٍ رقراقة يتطلّعُ إليها الإنسانُ في مسيرتِه، فيسأل: كيفَ يجدُها؟ وأينَ مأواها؟ الجواب: في ﴿اللهِ جلَّ جلالُه﴾، فهو السَّلامُ والنُّورُ والحقُّ، وهو الغايةُ والمقصود .. ويبقى السُّؤالُ الأعظمُ يرنُّ في الأعماق: أين يجِدُ الإنسانُ ربَّه؟

‏الإجابة لا يضمُّها سطرٌ عابرٌ ، ولا يكتفي بها عقلٌ ناظرٌ ، بل تجيبُ عنها هذه الرِّوايةُ، روايةٌ لا تُقرَأُ كما تُقرأُ الكتبُ، بل تُعاشُ كما تُعاشُ الحياةُ .. روايةٌ تُحيي القلوبَ إذا سكنتْ، وتوقظُ الأرواحَ إذا غفلتْ .

‏ـ تَقرأ الرواية فتتعلق بمسالكها العجيبة، وتفتح أمام القارئ أبوابًا رهيبة ؛ تُقلقه فلا يهدأ، وتجرحه فلا يبرأ ، وتُلقي به بين بحار الفكر عائمًا، وبين جبال التساؤل قائمًا .. يخرج منها القلب معلولاً، والعقل مشغولًا، والروح مثقَلةً بالأسئلة، مثبَّتةً باليقين .. فإن الله كل يوم هو في شأن ، وله في السر أموراً يبديها ولا يبتديها ، يرفع أقواماً  ويخفض آخرين .. تتلبس الشخصيات أعماقك فتفر من من واحدة لأخرى ، أو تسقط في الهاوية بالأحرى ، لكن تفيق وتعود وتغلب شكك الواهي ، وتصرخ في الورى .. أن .. آمنت بالله.

‏ ▪️ اقتباسات راقت لي :

ـ ‏❞ على المرء أن يُدرك أنه ليس أي هراء تخبره به نفسه يستمع له، خلق الله النفوس متغيرة، وميزان القلوب بيده، لكن هناك دومًا خط فاصل بين الذي يريده الله لك، وما تقنع نفسك به أنه قدرك.. منذ متى الكفر كان ضمن الأقدار؟ ❝

ـ ‏❞ إن بتَّ ليلتك برفقة شيطان؛ لن ينقضي اليوم إلا وأنت ساجد له، وإن حدث هذا مع ملاك؛ انتهى الأمر وأنت ساجد برفقته. ❝

ـ ‏❞ يخلقك الله بجنانٍ في روحك، أنت من يجتهد لجعل أرضها مُقفرة ونبتتها سامة، لا ترمي على عزته بالكذب، لا تعلم مما نجاك الله إلا حين يترك قلبك. ❝

ـ ‏❞ أتعلم ما هو الألم؟!

‏‫ إنه المطرقة التي تضرب بقوةٍ على قلبي البائس، السكين ذو النصل الحاد المسنون الذي يخترق الروح، ضلوعي التي تتفتت ببطء؛ حتى أن اللحظات مرت كسنواتٍ عجافٍ طوال. ❝

‏#أبجد

‏#أماني_عيسى

‏#لقـــد_تركنــــا_الله

‏#مراجعات_محمود_توغان

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق