مع تسارع الأحداث اليومية وزخم التفاصيل الذي يغرقنا فيه حتى نفقد قدرتنا على التركيز يرتفع في المقابل معدل القلق، أصبح القلق لا يشمل فقط الغد، ولكنه يشمل كل خطوة نخطوها في يومنا والأشخاص المارين على حياتنا، هذا الضغط الهائل قد يجعلنا نشعر بفقد الكثير من المتع من أهمها الصحة.

في الفترة الماضية شعرت بالكثير من الضغط والتوتر، مما كان له تأثير جسديًا وفقد للتركيز كنت أعلم جيدًا سببه.

فبدأت البحث عن مساعدة في عالمي المفضل وهو الكتب، حتى تذكرت أن (قلق مستعمل) على قائمتي للقراءة، فبدأت فيه فورًا.

من السطور الأولى للكتاب شعرت أن الكاتب يطلق الكلمات في أذني بصوت هادئ يساعدني في الشعور بالراحة، يبروز أمامي الكلمات التي أعلمها جيدًا داخلي ولا أصارح نفسي بها، يضع يده فوق كل الأفكار التي تزيد من قلقي وتوتري ويخرجها إلى النور حتى نراها جيدًا ونلقياها بعيدًا.

يتحدث الكتاب بشكل مفصل عن القلق وما هو القلق الطبيعي والمرضي، وكيف بدأ القلق من الأصل وما هي التأثيرات التي يمكن أن تصل في حالة أخذ يرتفع معدله في حياتك وذهنك، ومن أجمل الأجزاء المفضلة لي هو شرح كيفية مواجهة القلق من وجهة نظر الأديان سواء كان الدين الإسلامي أو المسيحي.

في الكثير من كتب التنمية الذاتية يتجه الكاتب إلى النصح بطريقة غير منطقية ولا يمكن تطبيقها، ولكن هنا الأمر مختلف مما يجعلك تحب قراءة هذا الكتاب، وهي أن الكاتب يخبرك تجربته ولا يحدثك من بعيد على أرض غير أرضك، لقد مر بما مررت به، لذا يمنحك حلول تستطيع تنفيذها بسهولة أن حاولت، الأمر من البداية للنهاية يستلزم المحاولة طوال الوقت، القلق لن يختفي فجأة بالتأكيد، ولكن مع التدريب والكثير من المحاولات ستستطيع.

الأمثلة التي ذكرها الكاتب كانت رائعة ومحفزة، وأنا في منتصف الكتاب أخبرت اصدقائي بضرورة قرأته والآن وبعد الإنتهاء منه أصبحت متأكدة أنه كان رفيق جيد في الفترة الماضية وجعلني أشعر بالهدوء والراحة النفسية، لذا أنصح بقرأته بشدة.

اقتباسات:

" هناك لحظة يدرك فيها الإنسان أن كل ما أرّقه، كل ما ظنه قادمًا لا محالة، كل ذلك لم يحدث أبدًا. كل شيء بقي مجرد احتمال، مجرد سيناريو كتبته المخاوف في عقله، لكنه لم يصبح حقيقة. ما حدث أنني فقط خفت. "

" أدمغتنا مبرمجة على توقع الأسوأ، ليس لأن الأسوأ هو ما يحدث، بل لأننا نحاول حماية أنفسنا منه. "

" الخوف يقول لك: إن صدّقتني، ستنجو. وهكذا، تقنع نفسك أن عليك أن تبقى يقظًا لكل احتمال سيئ، لأن ذلك سيحميك. لكن الحقيقة هي أن القلق لا يمنحك الحماية، بل يسلب منك الحياة، "

" الفراغ ليس مجرد وقت خالٍ، بل هو اختبار حقيقي لطريقة تعامل الإنسان مع ذاته. يمكن أن يكون ساحة ينمو فيها القلق أو فرصة لإعادة ترتيب الأفكار. الاختيار في النهاية يعود للشخص ذاته: هل يسمح للفراغ بأن يسجنه داخل مخاوفه، أم يجعله مساحة للراحة والإبداع؟ "

" بدلًا من معاقبة نفسك على خطأ قديم، حاول أن ترى الأمر من زاوية أخرى. في ذلك الوقت، كنت تتعامل وفق فهمك وإمكانياتك المتاحة حينها. لو كنت تعلم ما تعلمه الآن، لما ارتكبت ذلك الخطأ. إذن، هذا ليس ذنبًا، بل درس طبيعي من دروس الحياة. "

" ليس كل خطأ يحتاج إلى تصحيح، وليس كل ذنب يمكن التكفير عنه. أحيانًا، يكون الحل الوحيد هو القبول والمضي قدمًا. التوبة ليست فقط عن الذنب، بل عن الإقامة في ماضيه إلى الأبد. "

" سامح نفسك، حتى لو كنت قد أخطأت بالفعل، فالأخطاء جزء طبيعي من الحياة. "

"القلق يجعلك تسعى إلى الكمال في كل شيء، تخاف من الخطأ كأنه إعلانٌ بالفشل، تحاول السيطرة على كل التفاصيل، حتى تلك التي لا يد لك فيها. لكن لا أحد كامل، والخطأ جزء من الحياة. "

" لا تجعل روحك أقلّ ما تمتلك، لا تزدحم بالألم حدّ أن تنسى أنك تستحق الراحة، تستحق أن تكون هنا، بكامل قلبك لا بنصف حياة. "

" الحقيقة أن القلق ليس سوى خدعة ذهنية، تضخم المخاطر وتقلل من قدرتك على مواجهتها. عندما تدرك ذلك، تبدأ في التحرر منه تدريجيًّا. "

" ليس الموت دائمًا ضربةً تأتي من الخارج، أحيانًا، يكون فكرةً تنمو في الداخل، تتسلل إلى الأعماق حتى تصبح يقينًا، يقينًا قاتلًا لا يرحم. "

" صورتي الحقيقية ليست تلك التي يرسمها الناس عني، بل التي أكون عليها بيني وبين نفسي، وبين يدي خالقي». "

"لا تكن أسيرًا لنظرة الناس إليك، لا تتقنَّع بالمثالية، فتُحاسَب على إنسانيتك أخبرهم أنك بشر، أنك تُخطئ وتحتاج إلى الدعم، أنك في لحظة ضعفٍ وتحتاج إلى السند هذا لا يُنقص منك، بل يُكملك الإنسان يكتمل بنقصه، أما ذلك الذي يتظاهر "

" حزني أصبح ذا قيمة، وألمُي بات موجّهًا لما يستحق الألم. "

" تعلمت أن طاقة الألم أكبر من أن تُنفق على التفاهات، فقد تأتي قواصم الظهر يومًا "

" لا تجعل خسارتك الأكبر أن تُدرك قيمة الأشياء بعد زوالها. "

" إنك تبحث عن اليقين، لكن هل فكرت يومًا أن بعض الأمور لا تحتاج إلى يقين مسبق، بل تحتاج إلى خوض التجربة؟ ‫ أن بعض الأجوبة تأتي بعد أن تعيش، لا قبل أن تبدأ؟ ‫ أن بعض الفرج لا يظهر وأنت "

"إذا قدمت معروفًا ولم تجد شكرًا، فلا تتضايق. الله نفسه قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [غافر: 61]. فكيف تتوقع الشكر من الناس؟ اعمل الخير لوجه الله، فهو الذي يجزي بلا حدود "