عمل أدبي استثنائي يجمع بين جمال اللغة وقسوة الحكاية، حيث تدور أحداثها في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، في زمن ينهار فيه العالم تحت وطأة النازية والحرب والموت.
ما يميز هذه الرواية حقًا هو الراوي غير المعتاد الموت رواية يحكيها قابض الأرواح في زمن انتشر فيه القتل وتكاثرت فيه الجثث، يروي الموت الحكاية بصوت بارد وعميق، مانحًا النص بعدًا فلسفيًا مهيبًا يضع القارئ وجهًا لوجه أمام هشاشة الحياة وسخريتها.
السارقة ليزيل ميمينجر الطفلة التي وجدت نفسها في بيت عائلة حاضنة بعد فقدان أسرتها، لتعيش عالماً مليئًا بالجوع والخوف والاضطراب وهو السائد في هذا العصر. لكنها في وسط هذا الدمار، تجد عزاءها في الكتب فتسرقها واحدًا تلو الآخر، ليس بدافع الطمع، بل هي مقاومة وكوسيلة لمواجهة العنف والظلام المحيط بها.
الكتب هنا لا تمثل مجرد أوراق لقد كانت رمزًا للنجاة والحرية وجسر يربطها بالإنسانية في عالم يحاول محو كل معنى لها.
الرواية تطرح وقائع ومأساة الحرب والإبادة النازية لليهود، في لوحة عاطفية كثيفة تُظهر التناقض بين قسوة النازية والشر الكامن في البشر، وبين لحظات الحب الصغيرة التي تضيء وسط الخراب.
شخصيات الرواية مثل هانز وروزا هوبيرمان وماكس، مرسومة بعمق إنساني، فلا يوجد فيها الأبيض والأسود المطلق، بل طيف واسع من الرمادي، وهذا ما جعلني متورطة عاطفيًا في مصائرهم حتى الصفحات الأخيرة.
زوساك تميز بأسلوبه الشعري ولغته المبهرة مما جعل الرواية تجربة فنية وفكرية تدفعنا للتأمل في أثر الكلمات وكيف يمكن لها أن تنقذ أو تدمر.
هذه الرواية حازت شهرة عالمية وترجمت إلى عشرات اللغات، كما تحولت إلى فيلم ناجح مؤكدة مكانتها كأحد أعظم الأعمال الأدبية المعاصرة.
سارقة الكتب عن القوة في مواجهة الفناء، وعن قدرة الكلمات في أن تكون أعظم سلاح ضد القمع والخراب إنها ملحمة إنسانية بديعة تجعل القارئ يخرج منها مثقلاً بالحزن، لكنه في الوقت ذاته ممتلئ بالأمل والإيمان بقوة وعظمة الأدب.