7️⃣ #شغف_الكتب
رواية المسخ أو التحوّل أو الانمساخ، لكاتبها الأديب الألماني المشهور فرانز كافكا، هي من الروايات التي أخذت من الشهرة حظًّا واسعًا، حتى أصبحت تُدرَّس في الجامعات حاليًا. نُشرت لأول مرة سنة 1915م، واكتسبت صيتًا ذائعًا لما حملته بين دفتيها من غرابة...هذه الترجمة لـ محمد أبورحمة .. من إصدار دار أقلام عربية.
تدور أحداث الرواية حول "جريجور سامسا" شاب يعمل مندوب مبيعات في شركة، وله والدان وأخت يقوم على رعايتهم ويتحمّل نفقات حياتهم، غير أنّه ذات يوم استيقظ فوجد نفسه قد تحوّل إلى حشرة كبيرة! هذا التحوّل أثّر في حياته وطريقته في التعامل مع الآخرين، حتى إنه لم يعرف كيف يواجه أهله أولًا وأرباب عمله ثانيًا. إلا أنّ الأمر انكشف، فوجد نفسه أمام توتر هائل في العلاقات، التي بدأت مع مرور الوقت تنحدر من التعاطف والاستغراب إلى الاستهجان والكراهية، وانتهى الأمر بضربة عنيفة من والده لهذه الحشرة، وقسوة في التعامل وقرار ثلاثي بوجوب التخلص منه ، هذه التحولات كانت سببًا في موته بعد زمن قصير.
بأدبه الغريب، يغوص كافكا بعمق الفلسفة ليعرّي النفس البشرية من أوهامها التي تغطّت بها. وفي هذا المعنى كتب روايته الانمساخ أو المسخ ليؤكّد أنّ الإنسان الذي يكدّ ويتعب ويقف سندًا وعونًا لعائلته، دون أن ينظر إلى نفسه، قد يُلقى ويُكره ويُؤذى منهم فقط عندما يتحوّل إلى حالة عجز. غير أن الحشرات هنا تحمل معنى فلسفيًّا عميقًا.
عندما قرأتُ رواية المسخ أو التحوّل، خطر في بالي أنّ كافكا يريد أن يهمس للقارئ: لا تجعل نفسك حشرة، لأنّ من حولك، في نهاية المطاف، سيقضون عليك ثم يلقون بك في المزبلة. وكأنّه يقول أيضًا: لا ترهق نفسك كثيرًا من أجل الآخرين، بل خصّص لنفسك فسحة تستريح فيها روحك المتعبة. ولكن هذا بفلسفه عميقه موغله في تشريح النفس البشريه في كفران العشير.
اختار كافكا لشخصيته جريجور أن يكون في الظاهر حشرة، وفي داخله إنسانًا كامل الإنسانية. أما من حوله، فقد أبقاهم كافكا في صورة البشر، لكنه أظهر جوهرهم وقد تحوّل وانمسخ عن إنسانيته. وربما لم يُحوِّلهم إلى حشرات في ظاهرهم لأنه رأى أن ذلك سيكون ظلمًا للحشرات نفسها؛ فمسخهم الداخلي، وابتعادهم عن جوهر البشر، كان أفظع وأقسى من مسخ جريجور الخارجي... ليثبت هنا للقارئ ان الأنمساخ ليس لجريجور بل لكل من حوله سواء اهله ارباب عمله ومن دونهم.
الرواية من الشهرة بمكانٍ بحيث لا يستطيع القلم التعبير عن كل ما فيها من مرارة وشناعة وفكرة غريبة. كنت قد قرأتها منذ زمن بعيد، ولكن عندما رأيتها منشورة بترجمة جديدة من اقلام عربية ، فكّرت في قراءتها مجددًا، وكان شغف الكتب سبب ذلك. إلا أنّ هذه القراءة عادت عليّ بكثير من الآهات النفسية والمعنوية.لكنها تبقى عزاءٌ لكل من يتمسّك بقيمه وإن خسر كل شيء، في مجتمعٍ لا يرى إلا القشور، ويقيم الناس على المظاهر وحدها.
الغلاف والإخراج الفني جيد جداً ، ورغم ذلك، فإن الترجمة التي قرأتها لم تكن على المستوى اللائق بهذا العمل؛ إذ وجدت فيها شيئًا من الخلل البسيط، مثل أن يترجم المترجم عبارة: "إنّ لبدنك عليك حقًّا"، أو أن يترجم للأخت: "جريجور استيقظ، أستحلفك بالله"،. أو أن يترجم .. كما أن وظيفتك أصبحت على كف عفريت وهو ما بدا لي غير دقيق..
#شغف_الكتب
#فنجان_قهوة_وكتاب
#شغف_الكتب_الموسم_الخامس