حافة رطبة__سرٌد علي حافة الإنكسار.....
تأليف: عزة سلطان
دار النشر: بيت الحكمة
عدد الصفحات: 125 صفحة
أحيانًا، الكتب لا تُقرأ فقط، بل تُعاش!
و"حافة رطبة" من تلك الكتب التي لا تمنحك قصة واحدة لتتبعها، بل تمنحك مرآة صغيرة، ترى فيها وجوهًا كثيرة لنساء خاضوا ما لا يُقال. نساء لم ينتظرن البطولة، بل فقط أرادن النجاة.
تبدأ كل قصة وكأنها عابرة، فتاة تبحث عن وظيفة، أم تحاول إعالة أولادها، مهاجرة تخطو في مدينة لا تنتمي لها. لكن لا شيء عابر هنا.
كل قصة كانت خيطًا صغيرًا من خريطة شقاء مغتربات لا نقرأ عنهن كثيرًا، ولا نسمع صوتهن بصراحة كهذه.
لم يكن البؤس مفتعلًا، ولم تكن اللغة درامية. كانت السطور تمشي بسلاسة، لكن بأثرٍ كامن. شعرت وكأن كل جملة تُقال بين قوسين من الصمت؛ صمت بطلات مررن بما هو أكبر من الشكوى.
ما بين مقابلات عمل فاشلة، وابتسامات مزيفة لزميل في العمل، وسيرة ذاتية تُمحى فقط لتناسب وظيفة متواضعة… تتكرر محاولات التماسك، لكن دائمًا هناك ما يُسقطهن.
ومع ذلك، لا يسقطن تمامًا.
وكأن الهشاشة في هذه المجموعة ليست ضعفًا، بل شجاعة. شجاعة من يحاول رغم كل شيء، من ينهض في صمت، ومن يحمل وجعه ويكمل.
ما شدّني أكثر أن الكاتبة لم تمنح بطلاتها أسماء. وكأن الاسم هنا لا يهم. لأن القصة يمكن أن تكون عن أي واحدة فينا. أو ربما عنا جميعًا.
المرأة في "حافة رطبة" ليست رمزية ولا مثالية، بل مرهقة، مشوشة، وتخاف من المرض، وتشتاق لولدها، وتنتظر اتصالًا لم يأتِ. لكنها تظل واقفة.
وهذا في ذاته، كافٍ لأن يُكتب عنها كتاب.
الأسلوب بسيط، لكن بليغ.
الوصف دقيق، بلا مبالغة، وكأننا لا نقرأ وإنما نُراقب، نشهد، ونتألم في الخلفية.
ورغم كل هذا الحزن، لم يكن هناك دعوة للبكاء، بل إحساس غريب بالتصالح. كأن القارئة تُدرك أن هذا هو الواقع، فتهمس: نعم، أعرف هذا الشعور.
ربما ما جمع القصص كلها ليس فقط فكرة الغربة، بل الإحساس باللا جدوى، بالسعي المتكرر خلف ما لا يأتي. ومع ذلك، لا تتوقف البطلات عن المحاولة.
في النهاية، "حافة رطبة" ليست فقط مجموعة قصصية، بل تجربة شعورية تضعك في قلب ما لا يُقال.
إذا كنتِ امرأة حاولتِ أن تكوني "قوية" رغم الألم، ستجدين نفسك هنا.
وإن لم تكوني، فستخرجين من الكتاب بقدرٍ أكبر من الفهم، والتقدير، والصمت.
#فنجان_قهوة_وكتاب
#عزة_سلطان
#مسابقة_ريفيوهات_عزة_سلطان