الخال > مراجعات كتاب الخال > مراجعة صابر عبد النبي

الخال - محمد توفيق
تحميل الكتاب

الخال

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

الخال

Mohamed Tawfik

237 صفحة

2025

دار ريشة للنشر والتوزيع Risha Publishers

4.5 ⭐⭐⭐⭐

من اللحظة الأولى التي تقع فيها عيناك على غلاف الكتاب، وتحديدًا على صورة الخال عبد الرحمن الأبنودي، ينتابك شعور عميق بالحنين، كأنك بصدد لقاء قديم يعود بك لزمن له طعم مختلف، زمن يشبه رائحة التراب بعد المطر، دافئ وآسر.

محمد توفيق لا يكتب عن الأبنودي فحسب، بل يأخذك معه في رحلة طويلة مليئة بالحب والتأمل، تستعرض سيرة الخال كما لم تُروَ من قبل، بلغة قريبة من القلب، مفعمة بالدفء، تجعلك تشعر كأنك تجلس في حضرة الأبنودي ذاته، ينفث فيك من حكمته وضحكاته ووجعه وخفة دمه.

العمل لا يقتصر على سيرة الأبنودي، بل يمتد ليغوص في أعماق عصر كامل، يحكي عن رجال شكّلوا وجداننا الجمعي: عبد الناصر، السادات، عبد الحليم، بيرم التونسي، صلاح جاهين، فؤاد حداد، وغيرهم ممن مرّوا في حياة الخال أو مرّ هو في حياتهم.

نراهم جميعًا من خلال نظرته هو، بذاكرته الانتقائية التي تُسقط من تفاصيلها ما لا يترك فيه أثرًا، وتحتفظ فقط بما يستحق الحكاية.

واحدة من أكثر النقاط سحرًا في الكتاب كانت حكايات الأبنودي عن والدته الحاجة فاطمة قنديل – المرأة التي صنعت منه رجلًا، والتي ظل يفخر بها حتى آخر لحظة في حياته.

حضورها الطاغي في العمل لا يقل عن حضوره، بل هي في كثير من الأحيان منبع قوته، ونقطة تحوله.

نراها تدعو له، وتقاتل من أجله، وتحييه من الموت بدعائها وإيمانها، حتى نكاد نصدق فعلًا أن هذه المرأة قد صنعت معجزة.

ويتجلّى جمال الكتاب أيضًا في حديثه عن بلدة الأبنودي – أبنود – بتفاصيلها الدقيقة: العادات، الناس، الشوارع، الأفراح، والأحزان.

وكأنك تعيش في القرية نفسها، تشتم رائحة بيوتها، وتسمع أصوات أهلها.

ووسط كل هذا، يظهر الأبنودي بشخصيته المتصالحة تمامًا مع الذات، المتقبّلة لكل ما مرّ به، من فقر وسجن ومآسي، بل ومتصالح حتى مع سجّانه. الأبنودي يرى أن السجن جزء من تشكيل الشاعر، مثله مثل الحب والحرب، وأن لا شاعر يُولد كاملًا دون المرور بهذه المحطات الثلاث.

لفتني كثيرًا حديثه عن اكتشافه للموهبة، تلك اللحظة الفارقة التي قرر فيها، هو وأمل دنقل، أن يحملا "الsلاح" الحقيقي – القلم – ليكتبوا، وليكونوا صوتًا لهذا الشعب.

وعلى الرغم من بدايته الحلمنتيشي وقراءه بالكتابة بالفصحى، إلا أن الأبنودي أدرك سريعًا أن رسالته الحقيقية لا تكتمل إلا بالعامية – عامية الناس – عاميته هو.

الكتاب أيضًا يضعنا أمام مواقف إنسانية شديدة الخصوصية. مثلًا، عدم حبه لأم كلثوم رغم حبّه الجارف لعبد الحليم، ومحبته الخاصة لمحمد رشدي الذي مدّ له يدًا أنقذته من غياهب النسيان، وأعاده للحياة والفن، أو علاقاته العميقة مع صلاح جاهين ومحمود درويش ويوسف إدريس و"عم نجيب محفوظ" كما كان يحب أن يسميه.

أكثر ما أبهرني في الكتاب أن الأبنودي خطّ تفاصيل موته بنفسه.

كتب وصيته، وحدد من سيصلي عليه، ومتى وأين، وكأنه يكتب نهاية قصيدة طالما تأملها، ليودّعنا بنفس الجمال والبساطة التي عاش بها.

العمل يحوي طاقة عظيمة من الإيجابية، رغم ما فيه من وجع ومواقف إنسانية قاسية، لكنه وجع ناضج، متصالح، لا يكسرك، بل يجبرك على الوقوف.

فالأبنودي لم يكن شاعرًا عابرًا، بل كان ثائرًا وعاشقًا وصديقًا وأبًا وأخًا لمن حوله، وكان دائمًا قريبًا من القلب.

ما يميز أسلوب محمد توفيق أنه لا يفرض عليك شعورًا، بل يتركك تندمج، تنجرف، وتتورط في الحكي كما لو كنت فردًا من أفراد هذه الحكاية الممتدة.

من قرأ له سابقًا يدرك أن التجربة هنا ليست مجرد سرد لسيرة، بل معايشة كاملة للروح.

لم يكن الكتاب فقط عن الخال، بل عن جيل كامل، عن زمن، عن مصر بشكلها الشعبي، الإنساني، العميق.

ومن لم يعرف الأبنودي من قبل، سيقع في حبه لا محالة بعد هذا العمل.

ومن عرفه، سيزداد يقينًا أن هذا الرجل لم يكن شاعرًا فحسب، بل كان ظاهرة إنسانية فريدة.

قرأت من قبل "ساكن في سواد العيني" – مذكرات زوجته نهال كمال – ولكن هذا العمل مختلف تمامًا.

هذا كتاب يُشعل فيك حنينًا خامدًا، ويجدد داخلك شعورًا كدت تنساه.

أعاد لي الحماس، والدفء، والأمل، والقدرة على التحدي. كتاب يُقرأ بقلبك قبل عقلك، وأرشحه بكل الحب واليقين لكل

من يريد أن يعرف ماذا يعني أن يولد الإنسان شاعرًا… ويعيش شاعرًا… ويموت شاعرًا، كما فعل الخال.

#ما_وراء_الغلاف_مع_DoaaSaad

#خمس_سنوات_من_عمر_ريشة

#بوك_زون

#ريفيوهات_DoaaSaad

#خمس_سنوات_من_عمر_ريشة

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق