1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : متتالية " حافة رطبة "
3️⃣ التصنيف : إجتماعي ـ نفسي
4️⃣ الكاتبة : Azza Sultan
5️⃣ الصفحات : 85 Abjjad | أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2025 م
7️⃣ الناشر : بيت الحكمة للثقافة - Baytelhekma
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐
▪️ـ ما أوحش الهجر من بعد الوصال ، ما أصعب النقص من بعد اكتمال ، إنها الغربةَ معاشها رميم ، ونعيمها جحيم ، قسوةٌ مُدْمِعَة ، ووَحشةٌ موجِعة ، ليلٌ بلا قمرٍ ونهار بلا شمس ، وظعنها السفر تعافه النفس ، طريقٌ بلا مَرْشِدٍ ولا مُعين ، كوادٍ سحيق وغير مبين ، فكم من جسدٍ أضناه الاغترابُ ، وكم من قلبٍ أرهقه الغياب ، وكم من روحٍ سكنت قبرَ الوحدةِ وهي لا تزالُ على قيدِ الحياة ، وكم من جسد حاول فيها الوصول فتاه !
▪️ـ وذا شأن الرجال أولي البأس العضال ، فكيف إذا كانت تلك الغربةُ وجعَ امرأةٍ مسكينة ، تروي هشاشتها السكينة ؟! ضعفُها رفيقَها ، وصمتها صديقها ، جوعها زاد ، وقربها ابتعاد ؟! تظنُّ أن الغربةَ ستُطْعِمُها لقمةً تسدُّ جوعَها ، وتكسر حصار خضوعها ، فإذا بها تجدُ الغربةَ جوعًا فوق الجوع ، وضيقًا فوق الضيق ، وجدارًا يسدُّ أمامها كل بِشر أو طريق ، حتى نسمةَ الهواء وظلَّ الأمل ، حتى الكد والتعب والجهد والعمل !
▪️ـ تحيا فيها غريبةَ الدار ، أسيرةَ المِحَنِ والأسفار ، تلتحف الصبر ، وتنتظر الجبر ، من ربٍّ عليمٍ بالحال ، وسامع الشكوى والمقال ، لم تدر أن الغربةُ لم تكن يومًا وطنًا ، ولا يتخذها ذو العقل سكناً ، فكل ضاحك فيها دامع ، وكلُّ غريبٍ للحنينِ خانع ، في مالها افتقار ، في عزها انحدار ، في حلوها مرار ، في خيرها شرار .!
▪️ـ في متواليةٍ قصصيةٍ، وقفت الكاتبةُ عزة سلطان عند فكرةٍ جديدةٍ وجريئة، وهي سفرُ المرأةِ وغُربتُها بحثًا عن الرزق؛ إذا ضاقت بها الأوطان ، وجار عليها الزمان ، فتواجه - بدلَ الغُربةِ الواحدة - عشرَ غُربات: غُربةَ وطن، وغُربةَ جسد، وغُربةَ روح، وغُربةَ مال، وغُربةَ عيال، وغُربةَ عشق، وغُربةَ دفء، وغُربةَ أمان ، وغربة دين ، وغربة يقين .
▪️ـ عبرَ امرأة تشكلت فيها ، مجموعةٍ من النساءِ اختلفت أحوالُهنّ، وتعددت صفاتُهنّ بين مطلقةٍ وأرملة، وشابةٍ وأربعينية؛ تتنقلُ كلُّ واحدةٍ منهنَّ في غُربتها، بحثًا عن عملٍ أو مقابلةٍ تُكفيها، فتجدُ واحدةً تعطيها، وأخرى تبكيها، وثالثةً ترضيها... عملٌ تذهبُ إليه فلا يكتمل، أو آخرُ لسطوته لا تحتمل، أو ثالثٌ يريدها منحلّةً، أو رابعٌ يطلبها خادمةً لأمه!
▪️ـ تصويرٌ جميلٌ للغاية لحالة التيه والضعف، والصراع المحتدم بين الاحتياج والرغبة في الامتلاك، بين القوة والانهزام، بين الغربة التي تبتلع القلب والوطن الذي لا يُطال، بين السلام المؤقت والحرب الداخلية المستعرة، بين الخوف والإقدام، بين قسوة الواقع وسحر الأحلام، بين الحقيقة الجلية وسراب الأماني، بين صفاء الروح وضباب الطريق ..
▪️ـ كل هذه المعاني تجسدت بوضوحٍ تام في هذه المتتالية، من خلال قصصٍ تصور حال نساءٍ في الغربة، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الاغتراب إلا أنين القلب الباحث عن وطن .. بلُغةٍ عربية فصيحة بسيطة تتسم بالشاعرية ، والنبرة الشعوريةٍ، تتخللها الآهاتُ، وترسمُ على لوحةِ الوجعِ صرخاتٍ ، يسمعها الأصمُّ من وقع الألم ، كأنها تتسرب من تحت القلم ، ويراها من فجاعتها الضريرُ؛ كأنها كأسٌ من شرب مرير.
🚫ومع ذلك، فلي على العمل بعض الملاحظات:
ـ فإن بعض القصص جاء فيها رفضُ البطلةِ دعوةَ مديرها للغداء؛ لأنها تظن أن ذلك سبيلٌ إلى علاقةٍ حميميةٍ سهلةٍ في الغربة، وتُبرِّر رفضها بأنها غيرُ مستعدةٍ، لا نفسيًّا ولا جسديًّا، وأن ذلك مكلفٌ ماديًّا، ثم أخيرًا: كيف تطلب من الله الرزق وتعصيه، حيث جعلت اللهَ آخرَ اهتماماتها؟
ـ وفي موضعٍ آخر، وفي قصةٍ أخرى، ذُكِر أن جدتها قصَّت عليها حكايةَ الخَضِرِ وموسى عليهما السلام، ولكن بأسماءٍ مُجرَّدة، بلا أدنى شيءٍ من التبجيل لهذين العَلَمين الجليلين.
ـ وفي بعض المواضع الأخرى، خانها التعبيرُ اللغوي، فكتبت: "فكم الله رائع!"، وهو تعبيرٌ غير صحيح عقديًّا ولغويًّا.
▪️ـ اقتباسات:
ـ ❞ نحن نضيق بما لا نعرف ولا نفهم، وينكسر صبرنا على نصل العجلة، نضيق بالملاحقات لنقدِّم شروحًا لما نفعل، فهل جُبِلنَا على الضيق، ❝
ـ❞ لماذا نترك أوطاننا، ولماذا نغادر؟ أهو حقًّا البحث عن الرزق؟ أم الخبرات الجديدة؟ أم نهرب من الخذلان؟ ❝
#أبجد
#حافة_رطبة
#عــزة_سلطــان
#مراجعات_محمود_توغان