عمى الذاكرة > مراجعات رواية عمى الذاكرة > مراجعة ماجد رمضان

عمى الذاكرة - حميد الرقيمي
تحميل الكتاب

عمى الذاكرة

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

#القائمة_الطويلة_لجائزة_كتارا

عمى الذاكرة

للكاتب اليمني حميد الرقيمي

دار جدل للنشر والتوزيع

يمتلأ عالم الروايات بعدد لا حصر له من الأعمال التي تعكس عالم الحرب للذين يخوضون غمارها ومن يتأثرون بها بعيدًا عن ميادينها، حيث الدم والنار والدمار، ومن كل تتقاطر الروايات في دلالات كاشفة تحكى كيف كانت مزاولة الحرب وتدفقاتها الحية التي تشي بتجربة متفردة في الحياة والكتابة على السواء.

و " عمى الذاكرة" رواية تسلط الضوء على ما تختزنه الذاكرة اليمنية عن بؤس الحرب وقسوة الواقع وانسداد الأفق أمام اليمنيين، بخاصة فئة الشباب الذين أجبرتهم ظروف الحرب على البقاء تحت وطأتها أو الهروب بحثًا عن الخلاص، مع ما يكتنف ذلك الهروب من مخاطر وصعوبات، وهما خياران أحلاهما مرٌّ.

( عليك أن تعي هذا، وقبل أن تأخذك هذه الصفحات المنقطة بالسواد ، تذكر أن من يكتب سيرته هنا إنسان مثلك،كان إنسانا طبيعيا مثلك، لا أعلم بأي زمن تقرأني، ولا على أي أرض تراقب هذا السير المتعب،ولكني على علم بأننا نتشابه كثيرا، حتى وإن كان للحرب رأي آخر ).

تتألف الرواية من 26 فصل، لكل فصل عنوان مستقل، بدءًا بالفصل الأول "لحظة الهروب"، وانتهاءً بالفصل الأخير الذي حمل عنوان "عندما سألتني بكيت".

وتحكي الرواية حكاية "بدر" أو "يحيى" الذي فقد أسرته في الحرب، ثم عاش في كنف أسرة أخرى تتألف من الجد الحكيم، وأب وأم جديدين، ارتبط بجده وأمه الجديدة "لطيفة"، بينما كان الأب يقضي معظم أيامه بعيدًا عن المنزل والأسرة، لأسباب سيعرفها "يحيى" فيما بعد.

انتقل بعدها للدراسة الجامعية في صنعاء، حيث تعرف على زميلته "يافا " فأحبها، غير أن طبول الحرب دقت مرة أخرى، فأوقفت نبض الحب في قلبه، وبفقدانه لحبيبته وتوقف الدراسة بالجامعة، غادر صنعاء هاربًا من هول الحرب الذي أخذت منه كل من أحبوه، باتجاه عدن ومنها إلى القاهرة، ثم جنوبًا باتجاه الخرطوم، ومنها عبر الصحراء إلى ليبيا، ومن ليبيا عبر المتوسط ضمن مجموعة على قارب الموت ليصل إلى إيطاليا وحيدًا بعد موت من كانوا رفقاءه في الهروب.

"وهذا الليل الطويل الذي يسلخني ويلتهمني لا حدود له، كنت أشاهد كل شيء ينحدر أمامي، وكنت ألمس الجراح واقفة على كل باب، وفي كل عين تراقب عبوري أسمع ألف أمنية للهروب".

" عمى الذاكرة"، عنوان لافت يثير في عقل قارئه عشرات الأسئلة التأويلية والترميزية. "عمى الذاكرة"، الناجم عن عطبٍ تحدثه الحرب في جدار الذاكرة الخاصة ببطل الرواية، لا سيما وأن ذاكرته تنشطر بين اسمين وأسرتين وأكثر من حياة.

( ها أنا أعود من أقاصي الذاكرة التي فقدتها بفعل الحرب ، ألملم ذاتي ، وأرسم طريقا أخرى على الأرضية التي أوجدني الله عليها).

ثم تأتي لوحة الغلاف التي تمثل عملًا فنيًّا معبرًا وقائمًا بحد ذاته: عين نظارة وحيدة، يحيط بها إطار، مشروخ زجاجها ومتماسك في نفس الوقت، إلا من فتحة صغيرة في المنتصف.

استخدم الكاتب ضمير المتكلم ليقرّب الإحساس بما يحدث؛ فالسارد هو الشخصية المحورية الذي يحكي واصفًا أثر الحرب على أفراد المجتمع من خلال ما مر به من أحداث.

وظف الكاتب لغته الشاعرية في سرد الأحداث بتكثيف يمنحها الكثير من الدهشة والجمال، على الرغم مما تتضمنه من أوجاع وانهيارات تطال كل شيء في البلد المثخن بالحرب، إذ تتراءى الأحداث المؤلمة لوحاتٍ معبرةً عما يعيشه اليمنيون، وقد أجاد الكاتب رسم لوحاته بكلماتٍ ناضحة بالمعاناة وعبارات راسخة في صدقها الفني والوجداني، ما يجبر القارئ على إكمال قراءتها بمجرد مطالعة بداياتها الأولى.

وقد استطاع الكاتب أن يشيد بناءه السردي موظفًا عدة تقنيات سردية في هذا البناء الآسر بداية من البوح الذاتي، تيار الوعي والمنولوج الداخلي، وتقنية الاسترجاع

وقفات :

- شخصية (عبده حمادي) قدمه الكاتب شخصية واعية حكيمة وذات قيم أكبر من أن تنتج عن فرد يعاني الشقاء وحياة أقرب إلى التشرد.

- شخصية ( يافا ) جاءت هامشية مسطحة، لا تترك أثرا أو تحدث فارقا لدى القارىء

- قصة الشاب المصري الذي صحبهم الى السودان بحثا عن العمل، ليس لها علاقة بموضوع الرواية الرئيس.

- الجزء الأخير من الرواية منذ الذهاب الى عدن مرورا بالقاهرة والسودان وليبيا وصولا الى إيطاليا تشعرك أنك أمسكت رواية أخرى قرأت أشباهها كثيرا تتحدث عن هجرة الشباب ومايقابلهم من مخاطر وأهوال ، عبر صحراء ممتدة حارقة، وعصابات تتاجر بهم، وبحر تتطلام أمواجه تفتح أفواها لتبتلعهم ، ودول ترفض استقبالهم. ( رواية *لا تقولي إنك خائفة* للكاتب الإيطالي جوزيبي كاتوتسيلا )

- سلط الكاتب الضوء في روايته على عدة ثيمات، خلافًا لموضوعها المحوري " الحرب". ومن تلك الثيمات: الفقد، الترحال والضياع، المحبة، الإرادة.

" عمى الذاكرة" رواية زاخرة بالمشاعر الإنسانية ، رواية لغتها شاعرية ومصقولة جزلة، حبكتها متينة، سردها رشيق وشيق.

ولكنها لن تصل للقائمة القصيرة للجائزة.

#د_ماجد_رمضان

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق