أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة > مراجعات كتاب أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة > مراجعة راضي النماصي

أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة - حسن عبد الموجود
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

هذا كتاب يُصغي فيه القلب، ويعتذر فيه الزمن

على نحوٍ ما، تأخرتُ كثيرًا في الإصغاء الحقيقي إلى أم كلثوم. كنت أراها تمرّ في الخلفية: صوتًا محفوظًا في الأرشيف، صورة على جدار، اسمًا في مدوّنة تاريخ الفن. لكنني لم أكن أعرفها. وها هو كتاب “أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة”، بقلم حسن عبد الموجود، يأتي كدعوة ناعمة لأن أنظر من جديد، وأستمع بتأني وامتنان. ولعل هذه المراجعة، من طرفي، هي الأخرى اعتذار متأخر يكتب بمحبة.

هذا كتاب لا يُشبه السرديات المألوفة عن الرموز. إنه نسيج من خمسين حكاية قصيرة، تخيط من الواقع والخيال معًا ثوبًا خاصًا يليق بامرأةٍ استثنائية. امرأةٌ تضحك حين يشيع الناس عنها البخل، وتغنّي حتى تتعب حنجرتها، وترفض الأغاني التي تضعها في مقام الخضوع، وتُدير مملكتها بكثير من الصرامة، وكثير من الذوق.

يمشي الكاتب على أرضٍ يعرف وعورتها: يكتب عن صوتٍ يسكن الوجدان العربي. يبدأ من الحكايات الواقعية، ثم يُضيء فراغات السيرة بتفاصيل محبوكة بلطف، والخيال هنا أداة احترام عميق.

في “أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة”، تتجلى أم كلثوم في صورة حية لامرأة واجهت المرض، الحزن، والعزلة، بشجاعة لافتة. امرأةٌ ذكيّة تحتفظ بهالتها، قوية تضحك في وجه الهجوم، مرهفة تقول لنفسها أمام المرآة: “يخرب بيت جمالك”.

تفاصيل دقيقة تُضيء صورتها: البيض كمكافأة سرّية، عشقها للتحف، سخريتها، حبها للحياة. كل حكاية تفتح نافذة على ملامح لا تُرى من بعيد، ملامح تُعيد تشكيل الأسطورة بملمس إنساني.

“أم كلثوم من الميلاد إلى الأسطورة” لا يُضاف إلى رفّ الكتب، بل يُفتح كذاكرة جديدة، تُضيء ما ظنناه قديمًا، وتمنحنا فرصة ثانية للإصغاء.

شكرًا يا أستاذ حسن.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق