يهود الظاهر: مسعودة وليشع ومرزوق > مراجعات كتاب يهود الظاهر: مسعودة وليشع ومرزوق > مراجعة DoaaSaad

يهود الظاهر: مسعودة وليشع ومرزوق - سهير عبد الحميد
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

يهود الظاهر

Sohair Abd El Hamid

359 صفحة

2025

الدار المصرية اللبنانية طباعة - نشـر - توزيع

في "يهود الظاهر"، لا تسرد الكاتبة حكاية تقليدية، بل تفتح بوابة واسعة إلى التاريخ، إلى ذلك العمق المركب من الزمان والمكان والدين والهوية.

لا تبدأ الكاتبة بقصة اليhود في مصر، بل بما قبل ذلك، عندما وضع الظاهر بيبرس أول حجر في حي الظاهر، فكانت البداية أعمق مما توقعنا، وكانت الحكاية أكبر من مجرد رصد حياة طائفة.

إنما نحن أمام نسيج معقد من حكايات متداخلة، وأصول متفرعة، وحياة انغرست بين ثنايا القاهرة القديمة، وبصمتها الذهبية لا تزال في الحواري حتى وإن اختفى أصحابها.

الكتاب الذى جاء في 359 صفحة، مقسمة على 20 فصلًا، تحفر في ذاكرة المدينة، وتحلل تفاصيل الحياة اليومية لليhود في حي الظاهر، وكأن الكاتبة أرادت أن تصنع توثيقًا أدبيًا، لا يخلو من شاعرية اللغة ورهافة التحليل.

لم تكن اللغة أكاديمية جافة، لكنها أيضًا لم تغرق في العاطفية، بل جاءت فصيحة مشبعة بالحكمة، تنقلك بسلاسة من تاريخ المماليك إلى صراعات الطوائف اليhودية، .وملامح العائلات إلى تفاصيل المعابد والمجلات

من أولى الصفحات، شعرت وكأن الكاتبة تزيح الغطاء عن طبقة منسية من تاريخ مصر.

نقرأ عن المماليك الذين لم يملكوا حتى أسماءهم، وعن أطفال تم أسرهم وتغيير هويتهم تمامًا، عن "الترا" الذي أصبح "عفريت"، وعن اليhود الذين بدؤوا من حارة اليhود ثم انتشروا في الظاهر والعباسية.

نعرف طوائفهم: الربانيين الأكثر عددًا وثروة، والقرائين الأقل عددًا والأكثر شغفًا بالتعليم والفنون والثقافة. ونتعرف على قوانينهم الخاصة، طقوسهم، مدارسهم، معابدهم، وملامح حياتهم اليومية بكل ما فيها من تديّن وتقليد وازدواجية.

من أكثر ما لفت نظري في العمل، هو دقة الكاتبة في تتبع سيرة كل عائلة يهودية تقريبًا، 15 اسمًا تم تتبعهم بدقة لافتة.

كل عائلة تأتي لتضيف لبنة في بناء مجتمعهم الداخلي المغلق. من يقيم المدارس، من يدعم الكتاتيب، من ينشئ جمعية خيرية، من يضع نظامًا لتوريث اليhودية عن طريق الأم. شعرت وأنا أقرأ كأنني داخل أرشيف حي، وكأن لكل اسم قصة وصوت وصورة محفوظة وما ساعد فى ذلك ارفاق العمل بالكثير من الصور للأشخاص والمنشأت.

ومع هذا التوثيق الحميم، كنت أُفاجأ بمشاعري التي تتضارب. فكلما اندمجت في الحكايات، شعرت بنوع من القرب غير المفهوم، وكأنني أقرأ عن أقارب قدامى، ثم فجأة أصطدم بالواقع، فأشعر بنفور حاد.

شيء ما في أعماقي يرفض هذا الاندماج، يرفض أن يشعر تجاههم بأي ألفة.

فبرغم التنظيم والوعي والتعليم الذي ميزهم، إلا أن الغرور والتعالي على الوطن ظل يطفو في كل فصل، في كل موقف.

وقد أوضحت الكاتبة هذا جيدًا، خصوصًا في الفصل السادس عشر، حين أسقط القناع، وتكشفت الحقيقة المعروفة دائما وابدا للجميع.

إنهم مهما تشبهوا بالمصريين، وتبنوا عاداتهم وتقاليدهم – من قراءة القرآن لطرد الشيطان، إلى كتابة آيات على المقابر، إلى الزار والموالد وليلة الحنّة – إلا أنهم لم يكونوا يومًا منهم. فهم في النهاية لا يعترفون إلا بهويتهم اليhودية، ولا وطن لهم سوى إسرائيل، حتى وهم يسكنون وسط المصريين.

احتقارهم للمصريين، وعزوفهم عن الحصول على الجنسية، لم يكن سوى انعكاس لفكرة "شعب الله المختار" التي لم يتخلوا عنها يومًا.

ما أزعجني أكثر، هو أنني وجدت نفسي أقرأ وكأنني أمام سير ذاتية مبجلة لعائلات لم تحب هذا الوطن، بل استغلته. شعرت أحيانًا أن العمل يسير في اتجاه التعاطف مع جماعة لا تستحقه.

نعم، الكاتبة لم تطلب منا حبهم، وأُجزم أنها كتبت لتكشف لا لتبرر، لكنها جعلتنا نراهم من الداخل لدرجة كادت تعمي العين عن حقيقتهم.

فهم من نسفوا أحياء، وخربوا مؤسسات، وتم القبض على 13 جاسوسًا منهم، وكانوا كمن يعاقبون وطناً لم يحبوه أبدًا.

لكن، لا يمكن إنكار أن العمل بُني بحرفية عالية. الهوامش التي أضافتها الكاتبة، كانت بمثابة كنز معرفي، تشرح كل تفصيلة، كل اصطلاح مبهم. كانت تُمسك بيد القارئ دومًا، وتدله على الطريق.

والربط بين ما هو ديني وتاريخي واجتماعي وثقافي كان بارعًا بحق.

كما كان من الرائع أن نقرأ عن طقوسهم في النوادي، في الرياضات المختلفة، عن مؤسسات تعليم البنات، عن مجلاتهم الثلاث (الاتحاد الإسرائيلي، مجلة الشبان القرائين، الكليم)، وتفاصيل معابدهم مثل معبد موسى الدرعي وراب سمحاه. كذلك أبدعت الكاتبة حين كشفت عن إيمانهم بالمعجزات، بالأولياء، بأبو حصيرة، بالزار، بتشابههم الشكلي مع المصريين واختلافهم الجوهري عنهم وهذا الموضوع باستفاضه فى كتابها الساحر "على عتبة المقام".

ومع كل هذا، ظل السؤال يطاردني: "ما الذي يُرجى من قراءة تاريخهم؟" لا أحبهم، ولن أحبهم، ولم أخرج بتعاطف بل بكثير من التحفز.

لكن ربما هذا ما أرادته الكاتبة. أن نعرف، لا لنحب، بل لنفهم. أن نطلع، لا لنتعاطف، بل لنحذر.

فالمعرفة هنا سلاح، وكشف النوايا القديمة رسالة.

في النهاية، "يهود الظاهر" عمل ثقيل المعرفة، شديد العمق،

كاشف لحقيقة مجتمع موازٍ عاش بيننا لكنه لم ينتمِ إلينا. الكاتبة، رغم دسم المادة، أبقتنا مشدودين حتى السطر

الأخير. لكنه، رغم الجهد الهائل، لم يلامسني كما فعل "نحوم أفندي". فذاك كان تحليليًا سياسيًا. أما هذا، فكان غوصًا في سير ذاتية لعدو، تحاول أن تفهمه، دون أن تقع في حبّه... وهو أمر لو تعلمون عظيم لمن سحر بقلم أستاذة سهير عبد الحميد.

الاقتباسات بالصور

#ما_وراء_الغلاف_مع_DoaaSaad

#ريفيوهات_DoaaSaad

#كتاب_الشهر_في_مكتبة_وهبان

#يهود_الظاهر

#مسابقات_مكتبة_وهبان

#مسابقة_مراجعات_يهود_الظاهر

#مسابقة_ريفيوهات_يهود_الظاهر

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق