1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : كتاب " قلق مستعمل "
3️⃣ التصنيف : نفسي ـ توعوي ـ روحي
4️⃣ الكاتب : Alaa Ahmed
5️⃣ الصفحات : 126 Abjjad | أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2025 م
7️⃣ الناشر : المحرر للنشر والتوزيع
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐⭐
▪️بدأ علاء أحمد ، في كتابه الرائع "قلق مستعمل" ، بمقدمة من قلب الحدث ، يؤكد فيها وقوعه في فخ القلق مرارًا ، فأثّر ذلك على كل سلوكيات حياته ، كم اكتوى بناره ، واصطلى بشراره ، وتذوق منه مَرارًا ، وتأذى منه مِراراً ، حتى تقاطع قلقه مع حياته ، منفردًا ومجتمعًا ، فرأى أكثر لحظات حياته العادية غير عادية .. يعيش ولا يعيش، يهرب، يراقب، يُراقب، يتجنّب، يخاف، ويخشى الخطأ، في معاناة شديدة .
▪️ولذا فقد نقّب وبحث ودرَس ، لا ليجد علاجًا لنفسه وحسب، بل ليكون أذنًا تسمع ما لم يتطرّق له الزملاء في الميدان .. حتى وجد ضربًا من السكينة، فحاول في هذا الكتاب أن يكتب من موقع المجرب تارة، ومن أخرى من موقع الدارس الواعي، متجنبًا فيه الخطط الأكاديمية والدراسات النفسية التي لا يصعب تطبيقها .. نسج الكتاب من وحي المعاناة الحقيقية، فجاء بمثابة مساحة لمن لم يجد من يسمعه، أو يخاف ألا ينفعه أحد ..مؤكدًا أن هذا الكتاب ليس وعدًا باختفاء القلق، بل هو رحلة في دروب السكينة.
▪️حول ماهية القلق المستعمل:
القلق: تلك الحالة من التوتر العام المصاحب لتوقع خطرٍ دون وجود خطر مباشر أو حقيقي، أو هو الصراع بين الأنا والأنا الأعلى، كما أكّد فرويد .. القلق ليس نبيًّا يطرق أبوابنا بالحق ، هو ظنٌّ يتكرر، وهوسٌ يُعاد تدويره ، هو ظلٌّ كبير، لا يملك يدًا ليمسّنا، لكنه يسكن فينا حين نمنحه موطئ قدم.
▪️هذا العدو هو الأذكى في مواجهة بني البشر؛ لا يثبت على حال، قديمٌ قدم الزمان، يتلوّن، يتبدّل، يأتيك من مداخل شتى، يُقلب لك الحقائق، يستغل أوقات السعادة ليحوّلها إلى شقاء، وإذا حاولت الهروب منه، قوّيته؛ فلا حلّ إلا بمواجهته والتغلّب عليه وقهره.
▪️يؤكد الكاتب في هذا السياق كيف يستخدم القلق أسلحته وأساليبه من خلال:
• تحويل الكلمات إلى ألغاز ، والذكريات إلى قضايا، والتعبيرات العفوية إلى إشارات مضادة، والقرارات الصغيرة إلى امتحانات ضخمة، مستخدمًا لُعبة التضخيم ليجعلك تظن أن الجميع يلاحظك، ويقنعك بالمثالية الدائمة، ويحُوّل الخطأ البسيط إلى كارثة.
▪️ثم يسير الكاتب في طرحه لهذه القضايا، موجّهًا القارئ لكيفية كسر هذه الألاعيب، باالامبالاة الواعية ، وألا تجعل نفسك مركز الكون، وأن تسمح لنفسك بالخطأ والتجاوز، وألا تعيد المشاهد في ذهنك.
▪️ويؤسس الكاتب، بالعلم والتجربة والدراسة، كيفية عمل الدماغ في ظل القلق، ويمدّك بالأسلحة الروحية للمواجهة. ليُثبت لك أن مجرد كلمة قد تغيّر دفة الأمور .. مثال:
ـ "حين جاء نبي الله موسى إلى نبي الله شعيب يشكو له أنه مطارد من فرعون وملئه، وأنه قتل نفسًا، ومطارد من شيعة قومه، أي أنه هالك لا محالة، رد عليه نبي الله: "لا تخف، نجوتَ".
ـ كما أن الطمأنينة ليست نقيضًا للإيمان، وإلا لما سأل خليل الله إبراهيم ربه: "ربِّ أرني كيف تحيي الموتى".
▪️ثم يعرّج الكاتب على بيان منظومة الإسلام الدفاعية ضد القلق من خلال :
مفهوم القضاء والقدر .. وتمام الاستسلام والرضا ؛ لأن ذلك يُخفّف من القلق بدرجة كبيرة، وذلك عبر:
•التحرر من القلق المستقبلي، لأن الأرزاق بيد الله.
•الطمأنينة عند المصائب، فـ"أمر المؤمن كله خير".
•عدم الندم على ما فات، لأن "ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك".
•اليقين بأن البلاء واللطف دائمًا متلازمان، ألم يقل ربنا: "إن مع العسر يُسرًا"؟
▪️فليعِش الإنسان يومه بيومه؛ فمن أصبح آمنًا في سربه، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها، كما أخبر العدنان ﷺ.
والثقة بأن تدبير الله أعظم من تدبير البشر، وحكمته أبلغ.
▪️وفي سبيل الوصول إلى الرضا، يؤسس الكاتب أن ذلك يكون من خلال:
•التوكل على الله في كل شيء، "فإن الله يحب المتوكلين".
•التضرّع له بالدعاء والسؤال ، معرفة مقام العبودية حقيقة.
•أن يعيش الإنسان حاضره، لا يخشى من الماضي والمستقبل.
▪️ثم لا يقف عند حدّ الإسلام، بل يتطرق إلى مفهوم القلق في المسيحية، وكونه جزءًا من الطبيعة البشرية يجب السيطرة عليه، لأنه نقيض الثقة بالله، من خلال التأمل، والصلاة، والصوم، وخدمة الآخرين.
▪️وتحت عنوان "منظومة القلق"، يأخذك الكاتب في رحلة داخل سراديب الخوف، الذي ينقلب في الغالب إلى وهم؛ فالخوف ليس في الحدث بل في انتظاره، وليس في الكارثة بل في تخيلها، وليس في المصيبة بل في ترقّبها؛ فيكون بذلك أمرّ من المصيبة نفسها. وكما يقولون في المثل الشعبي: "وقوع البلاء ولا انتظاره".
▪️وبعد هذه الاستنتاجات الرائعة، يقدّم لك الكاتب "روشتة" عملية وعلمية للتحرر من الخوف، معرّجًا على أسباب ازدهار القلق في أوقات الفراغ .. وهي كثيرة ومثيرة ونقع فيها .
▪️وبعد التشخيص والتمحيص والتأسيس، يجعلك الكاتب في مقام طبيب نفسك، ويعطيك الحصون الذاتية للوقاية منه، ذاكرًا بعض القصص المؤثرة لمن تمكّن منهم القلق، وكيف فعل بهم، بل وكيف قتل بعضهم .. وعلى النقيض، يعرّج على سير القلقين ، ممن قهروا القلق، وحلّ الرضا محلّه.
▪️ويحذّرك الكاتب، في الختام، من الوقوع في فخ تحويل الاستراتيجيات العلاجية إلى وسائل معيقة حين تجعلها هي الهدف لا الوسيلة، ككتابة وتحليل القلق الدائم أو الغرق في تأملات لا تنتهي.
▪️ويخلص بعد ذلك إلى عرض بعض المهارات والقواعد الذهبية للتعافي، ومنها:
•العيش في حدود يومك.
•شغل النفس بما ينفع وحسب.
•الاستسلام التام للقضاء والرضا .
•عدم تعظيم الصغائر .. وتجنب ذلك .
•تذكر نعم الله عليك ، قبل فقدها والندم .
▪️بلغة بسيطة، يخاطب بها الوجدان والروح قبل العقل والفكر، ويتجنب – كما ذكر – الحشو والتطويل، ليفتح لك أبوابًا مغلقة، ويرسل لك شمسًا مشرقة، ويبعد عنك فخ الوقوع في النيران المحرقة؛ ليهدأ عقلك، ويطمئن قلبك ، ويظهر رضاك، ويخفت جفاك ، ويستنير وعيك، ويستمر سعيك ، ويستجيب وجدانك ، وتحلو أيامك .
▪️لكنه – رغم كل هذه المميزات – لم يَسلم العمل من بعض الزلات البسيطة، التي لا تنقص من قدره، بل كان وجودها أكمل للفائدة وأدعى للكمال، ومن ذلك:
1. عدم ذكر المصادر والمراجع المعتمدة في هذا البحث، لا من الناحية العلمية ولا الشرعية.
2. عدم الاستعانة بالأسلوب القصصي الموسّع، مما قد يحول دون بلوغ الأثر العاطفي الكامل من التجربة، كما فعل ديل كارنيجي في كتابه دع القلق وابدأ الحياة .. فنجح جداً.
3. الاقتصار في تقديم أدوات الوصول إلى الرضا الشرعي على ثلاث وسائل فقط (التوكل، الدعاء، العيش في الحاضر)، وهذا قصور ظاهر؛ إذ إن أعظم الأسلحة في الإسلام لم تُذكر، مثل:
•دوام ذكر الله: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
•اللجــــوء إلى الله بالصـــلاة: "أرحنا بها يا بلال".
•قراءة القرآن ففيه سطـــوة على الخــــوف والقلق .
•وقيام الليــــل، وغيرها من أبواب الطمأنينة والسكينة .
▪️بعض الاقتباسات الرائعة :
ـ ❞ طاقة الألم أكبر من أن تُنفق على التفاهات، فقد تأتي قواصم الظهر يومًا…». ❝
ـ ❞ الحياة ليست دقيقة كما يراها القلق، بل هي أكثر مرونة، أكثر تسامحًا، وأكثر نسيانًا مما تتخيله. ❝
ـ ❞ أدركوا أن براح الأرض لا يتسع لنفسٍ ضاقت بأهلها، وأن أضيق الزوايا تصبح جنةً لمن داخله سلام. أن الذي امتلك قلبًا هادئًا، امتلك الكون بأسره، حتى وإن لم يملك منه إلا ظلّ شجرة ونفسًا مطمئنة. ❝
ـ ❞ إن كنت ستخشى شيئًا، فاخشَ أن لا تكون هنا حقًّا، أن تمر السنوات وأنت لم تعشها، أن تتحول حياتك إلى ظلّ حياة، وأن يكون كل ما تبقى منك مجرد قلبٍ خائف، وعقلٍ مرهق، وسنين لم تُعش كما ينبغي. ❝
#أبجد
#علاء_أحمد
#قلق_مستعمل
#المحرر_للنشر_والتوزيع
#مراجعــات_محمـود_توغـان