السينما والمجتمع الإيراني
الكاتبة والباحثة المصرية: (إسراء عصام)
دار المحرر للنشر
بأسلوب سلس ولغة بسيطة سهلة، جاء هذا الكتاب، معنيا بتفسير الظواهر الاجتماعية بالمجتمع الإيراني من خلال الفن السينيمائي، وذلك بالعودة الى أصول تلك الظواهر، وأسبابها، ونتائجها، وميكانيزمات الهويةالمجتمعية التي تعاملت معها.حتى يتسنى للقارىء العربي فهم هذا المجتمع الغريب عنه والبعيد.
ويتكون الكتاب من مقدمة وأربعة فصول وخاتمة.
المقدمة :
ناقشت الكاتبة في المقدمة العلاقة الشائكة بين السوسيولوجيا (علم الاجتماع )بالفن بصفة عامة وبالسينما بصفة خاصة،كما ناقشت مدى الارتباط الوثيق بين ظواهر المجتمع واحتياجاته النفسية والسوسيولوجية، وبين ترجمة هذه الظواهر بمفردات ولغة سينمائية يوثق لها المجتمع فى صورة فنية عبر السنين.
الفصل الأول: بدايات السينما الإيرانية وتاريخها . استهلت الكاتبة الكتاب بتتبع جذور التحول الاجتماعي ونواة الازدواجية الأخلاقية قبيل الثورة الإسلامية؛ بدءا بشاه إيران ( مظفر الدين شاه ) الى (محمــد رضــا بهلــوي) وتأثير سياســات الانفتــاح والحريــة عـلى العالــم الخارجــي، على تطور فن السينما في إيران . وتتبعت بدايات ظهور السينما الإيرانية و محاكاتها لسينما الدول الأوروبية..ثم أخيرا بانتهاجها أسلوب ولغة تخصها وحدها فى الحكي المرئي.
الفصل الثاني: الطفولة الإيرانية. تناولت الكاتبة بالتفصيل؛ التأثير الاجتماعي والسياسي إبان الثورة الاسلامية من خلال تحليل بعض الأفلام الايرانية كفيلم العداء(دونده) / فيلم باشو_الغريب الصغير/فيلم دار الأيتام الإيراني/أبناء السماء/النافذة.. حيث اتخذ صناع السينما الإيرانية من الطفل أداة لتطويع مرادهم وإيصال رسالتها الفنية ..بالترميز والمواربة، فقاموا بتوظيف (الطفل) دراميا للتعبير عن أزماتهم الاجتماعية والسياسية بشكل أساسي وبرمزية والتفاف حتي يتمكنوا من إيصال رسالتهم برلا عوائق رقابية، أو محاولات للمنع والمصادرة!! وقامت بتحليل بعض الظواهر الاجتماعية السلبية الناتجة عن الثورة الإسلامية؛ كفرض الحجاب على الفتيات حينما يبلغن ٦ سنوات، وتجنيد الأطفال قسرا لدى الجماعات الإرهابية، وتزويج القاصرات، والاتجار بالاطفال.
الفصل الثالث: المرأة الإيرانية مابين السينما والواقع. خصصت الكاتبة للمراأة الإيرانية فصلا كاملا، ناقشت فيه تحديات مجتمعها وتأثيرات فرض الوصاية الدينية على مناحي حياتها المختلفة، واستشهدت بالسيرة الفيلمية؛ كتأريخ لفترات القمع والاضطهاد الذى يمارس ضد المرأة الإيرانية باسم الدين وبسلطة رجاله السياسية! فانعكس ذلك بشكل سلبي لافت على دور الفنان بالسينما الإيرانية عامة، والمرأة على وجه الخصوص..حيث كان يمنع ظهورها فى أي فيلم إلا بغطاء الرأس، كما منعت وزارة الإرشاد تبادل النظرات ما بين النساء والرجال بداخــل الأفلام ، وهـو مـا عكسـه فيلـم(زهـرة الأقحوان) بصورة رمزية؛ حيث تنــاول قصــة حبيبـين كل منهمـا أعمى! وتحدثت أيضا عن ظهور المخرجات الإيرانيات وثورتهن فى وجه التضييقات والتحجيم الذى تعانيه المرأة من خلال تناولهن بعض القضايا النسوية الجريئة عن طريق السينما والفن وتناولت بالتفصيل؛ الأوضاع المزرية والغير آدمية بسجون (إيران)؛ من تعذيب، و بتر أعضاء واغتصاب وقهر والـذي كان آخـر ضحايـاه الشـابة الكرديــة (مهســا أمينــي). كما تناولت عرض لبعض الأفلام مثل(سجن النساء)(رجم ثريا)، (انفصال)، (هذه المرأة تريد حقها)، (ستائر مغلقة)، و(تاكسي إيران) والتي تؤرخ للعنف الممارس ضد النساء؛ خاصة فى السجون الإيرانية وما فيها من انتهاكات لحرمة الإنسان وآدميته؛ ومناقشة بعـض الظواهـر الأخلاقية التـي يعانـي منهـا المجتمـع الإيرانـي، كاالدعـارة والفســاد المؤسسي والإدمــان والتديــن الزائــف والتحرش بالفتيات القاصرات وغيرها.
الفصل الرابع: العادات والتقاليد والموروث الشعبي في السينما الإيرانية :
حيث ان الموروث الشعبي لكل مجتمع هو سجل حضاراته وتاريخه وهويته التي تعبر عنه، فقد عرضت الكاتبة بعض العادات الإيرانية المختلقة والتقاليد المتعارف عليها ( طقوس زواج - طعام - لباس- موت - ولادة - احتفال بالأعياد الدينية ) بايجابياتها وسلبياتها من خلال استنباطها لمشاهد فلكلورية فى فيلم (البقرة) وفيلم (نرجس). كما تناولت بالشرح والتفصيل؛العنصرية العرقية ضد الأفغان فى(إيران)والعدائية لغيرها من الأقليات، لأسباب سياسية من خلال عرضها الاجتماعي - التحليلي لفيلمي (لباران) و(حيران). بالإضافة الى مناقشة إشكالية التعايش السلمي لأبناء الديانات المختلفة تحت سماء وطن واحد، وسط كل هذا التسلط الديني والعرقي؛ مستعينة ببعض مشاهد الفيلم الاستثنائي النادر (طائر أبو الحناء)
وختاما: لا يعتبر هذا الكتاب مرجعا فنيا، بقدر ما هو مرجعا اجتماعيا وسياسيا مهما ونادرا؛ يتخذ من الفن وسيلة لفك شفرات المجتمع الإيراني وتحليله على مستويات متعددة؛ ومن ثم إظهار مدى التناقض المجتمعي الذى يعيشه الإيرانيون فى بلادهم،
#د_ماجد_رمضان